دور الطبيب النفسي هو مساعدة الناس كي يساعدوا أنفسهم أي أن يبين أين المشاكل الخاصة بهم ويبدأ في حلها شيء فشيء، المرضى يأتون بتوقعات عديدة حسب المشاكل التي يعانون منها، وبعض التوقعات مثيرة لدهشة والاستغراب، لكن على الدكتور النفسي معرفة أولاً أن الذي يأتيهم هو محتاج لهم ولديه بعض التمنيات منها: أحياناً أن يسمعه الطبيب النفسي دون توقف أي ألاَ يكون هناك حدود للجلسة، أو يأتي مع مشاكل عديدة ويتوقع حلها بشكل فوري.
ما هو دور الطبيب النفسي؟
- الطبيب النفسي يفكر في البداية هل المشكلة داخل الذات أم لها علاقة في التكوين البيولوجي والفسيولوجي والعمليات التفكيرية والوجدانية داخل جهازه العصبي؟ أم مشكلته مع المجتمع، العائلة، منظومة القوة التي في المجتمع؟ هذه واحدة من الأسئلة المهمة وفي الغالب نجد أنه مزيج من التفاعل في هذه العناصر الداخلية، هشاشة هذا المريض وكيف ترد العائلة والمجتمع على مشاكله.
- مهم ألا يستعجل الطبيب النفسي ويعتبر كل شيء مرضي، أحياناً تأتي العائلات إلى الطبيب النفسي لأن ابنهم لا يتبنى الاتجاه الديني الخاص بهم أو يتبنى طريقة زواج مختلفة عنهم، وهنالك عائلات تميل لإضافة الصفة المرضية على أي شيء يخالف رأيهم أو يخالف المجتمع.
- فمن المهم ألا ينحاز الطبيب النفسي مع القوة (عائلة المريض التي تدفع ثمن العلاج) فيجب على الطبيب النفسي سماع وجهة نظر المريض وتمييز ما إذا كان المريض لديه مشاكل داخل الذات وعمليات التفكير أم مشكلة مع البيئة المحيطة به.
- يمكن أن يأتي المريض مع توقع نرجسي ويريد احتواء كامل واحتضان دون أن يدرك ما هي حدوده، وكي يعمل الطبيب النفسي بشكل صحيح هو بحاجة إلى توضيح الحدود الخاصة به (حدود الزمن، حدود الرسوم، احترام المكان). إذا كان المريض بحاجة إلى طبيب فهذا لا يعني أن يرضى الطبيب النفسي بكل شيء.
- دور الطبيب النفسي هو الاستماع ومعرفة أين تكمن المشكلة داخل الفرد أم محيطه وكيف تتفاعل هذه المشاكل مع بعضها البعض ويشخص ويقوم بتدخلات علاجية، في معظم الأوقات التدخلات العلاجية هي عبارة عن مسار علاجي يقومون به بعد التشخيص وهو التثقيف أي إعطاء التفسير للأعراض من أين أتت، وأن يخبره عن الحل وأنه من الصعب توفيره وتنفيذه في لقاء واحد لأن معظم المشاكل تكون مزمنة ومتراكمة ويأتي المريض بعد تفاقم الوضع، لكن يمكن بعد الاستماع والتشخيص وضع ملامح خارطة طريق للعمل مع هذا المريض، حتى يخرجه من هذه الدائقة التي هو فيها ويساعده على أن يمتلك الأدوات التي تمكنه من مساعدة نفسه بعد أن يوضح له العوائق النفسية التي تقف في طريقه.
كيف يتعامل الطبيب النفسي مع مرضاه؟
دائما ما يثار تساؤل لماذا لا يتحول الطبيب النفسي إلى صديق لي بعدما أخبرته بكل حياتي ومشاكلي؟ ولماذا حسب القاعدة الطبية يمنع على الطبيب النفسي أن يصبح صديق المريض؟ لأن الطبيب النفسي سوف يفقد العين المحايدة التي ينظر بها إلى الأشخاص ويصبح هناك نفاذية في الحدود بين المريض والطبيب النفسي ويفقد الطبيب النفسي فعاليته العلاجية. ذلك على الأخصائي النفسي أن يحافظ على هذه الحدود من خلال:
- إذا كان لدى الأخصائي النفسي صديق أو قريب يعاني من مشاكل نفسية عليه أن يعمل على تحويله إلى معالج نفسي آخر لا يعرفه.
- يجب أن يكون الطبيب النفسي ودود ويحترم الناس ولكن لا يستحسن أن يكون هناك تفاعل اجتماعي يخترق الحدود العلاجية وهو من واجب المعالج النفسي أن يحفظ هذه الحدود، لأن المتعالج يأتي بتوقعات عديدة.
- تعريف العلاقة بين المعالج النفسي والمتعالج أنها ليست علاقة تبادلية هي علاقة من شخص خبير في العلوم النفسية وشخص لديه حاجة، فلن يكون هناك تبادل ولا تكافؤ ويمكن أن يتطرق الطبيب النفسي الى مواضيع خارجية مثل الطقس لكن هذا من باب كسر الجليد، ويجب ألا يذهب كسر الجليد إلى ذوبانه بين المعالج النفسي والمتعالج لأنه سيفقد المعالج النفسي فاعليته.
تعلق المريض بطبيبه النفسي
هناك أنواع عديدة من التعلق ومحتمل جداً أن يحدث التعلق وليس من الضرورة أن يكون تعلق رومانسي، فيمكن أن يكون التعلق كتعلق بالأب أو الأم أو الابنة أي تعلق عائلي، لأن الكثير من المتعالجين يأتون من ظروف صعبة وحرمان عاطفي وليس لديهم مساحة آمنة للحديث والبوح وفتح مكنونات نفسهم. وقد يكون المكان العلاجي عند الطبيب النفسي هو المكان الأول لفتح هذه الجوانب وهذا يخلق نوع من الراحة النفسية والأمان الذي يتمنون أن يكون دائم.
ما مسؤولية الطبيب النفسي إذا رأى علامات التعلق لدى مريضه؟
- أن ينتبه لهذه العلامات وأن يتيح الفرصة للمريض للحديث عنها وأن تكون ردة فعله لا تحرج المريض أو يكون فيها رفض، لأن المريض قد واجه رفض في الخارج.
- من المهم مساعدتهم في إدراك الواقع والحدود دون إحراجهم فهذا أمر إنساني مقبول أن يفكر به، لكن من الغير مقبول تحويله لواقع.
- يجب أن تكون طريقة استقبال التوقعات والآمال الموجودة في خيال المتعالج بهدوء وروية واحتواء.
- احترام التنوع بين الناس الذين نراهم لكن لا نسمح لها أن تنفذ إلى حدودنا الشخصية.
- يجب على الطبيب النفسي والمعالج النفسي المحافظة على التوازن النفسي والمهني العائلي الشخصي لنفسه، وحماية حدوده الشخصية والمهنية هو أساس الحفاظ على هذا التوازن.
دائما نتوقع أن يكون طبيبنا النفسي متاحا طوال الوقت ومع وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت سبل الوصول أكثر، وإذا لم يستجيب الطبيب النفسي، يفهم أنه مقصر، وأنه لا يستجيب إلا من خلال جلسات مدفوعة الثمن وغيرها من القضايا. يجب أن ندرك أن الطبيب النفسي إنسان لديه حياة وجب عليه أن يحافظ على توازنه، وفي وقت من الأوقات يكون بحاجة إلى إغلاق هاتفه وعدم استقبال المكالمات.
يتمنى المريض أن يكون الطبيب طبيبه الخاص ويذنبون الطبيب عند عدم استجابته، بجميع الأحوال يمكنك قبل أن تبدأ علاجك أن تختار الجهة التي تذهب لها، فيمكنك الذهاب إلى المؤسسات الحكومية أو الأهلية أو الطبيب الخاص وعندما تختار الطبيب الخاص لا يعني أنك احتكرته أو أن بإمكانك التواصل معه بكل وقت، فيجب احترام والحفاظ على حدود العلاقة بين المريض والطبيب.
حتى في الحلات الطارئة الطبيب النفسي هو الذي يحدد ما إذا كانت الحالة طارئة أم لا فعند التقييم الأولي لكل مريض يتم تصنيف المرضى الذين يخاف عليهم بأن يتعرضوا للأذى من أنفسهم، وكذلك المريض الذي يجرب الدواء لأول مرة ويخاف أن يتعرض لآثار جانبية.
المرضى الذين يزعجون الطبيب النفسي على الهاتف هم المرضى الذين يعانون من أعراض بسيطة جداً مثل الهلع والقلق هؤلاء الأشخاص طبيعة اضطرابهم أنهم كثيرو الشكوى، فإذا كنت تريد طبيب جيد أسمح له بالمحافظة على توازنه النفسي وعلى حدوده الشخصية، وادبياً يستحسن المراسلة الكتابية والصبر على الطبيب النفسي حتى يرد على استفسارك.