الحمل والولادة من الأحداث الهامة في حياة المرأة، واكتئاب النفاس أو ما بعد الولادة، هو اضطراب نفسي معروف، ويصيب سيدة من كل عشرة في الأسابيع الأربعة التي تلي الولادة على الأقل. تشعر المرأة فيها بالحزن دون مبرر وتبكي ويضطرب نومها وأكلها، ويلاحظ أن حالتها النفسية تكون أسوأ في الصباح ولكنها قد تتحسن في المساء، عدم الاستمتاع وعدم الرغبة في عمل أي شيء، وقد يترافق هذا مع العصبية والشعور بالذنب وعدم القدرة على تحمل مسؤولية المولود، وقد تخاف بشدة على المولود وأحياناً ترفضه وتقول للأسرة لا أريده، يلاحظ عليها الارتباك وعدم التركيز والنسيان. وقد يخيم التشاؤم عليها وتفكر بالموت و الانتحار وحتى أنها قد تقتل الطفل رحمة له من عذاب الدنيا قبل الانتحار.
وتتراوح شدة المرض من درجه بسيطة إلى متوسطة إلى شديدة، والسبب في هذا الاكتئاب ليس واحداً بل تتظافر عدة عوامل من وراثية، حياتية، وبيولوجية في حدوث هذا الاضطراب، ويؤدي كل ذلك إلى الخلل الكيماوي في مراكز المزاج في الدماغ.
ما هي أعراض اكتئاب ما بعد الولادة؟
- شعور مستمر بالحزن.
- انخفاض الدافعية للقيام بأي شيء.
- انخفاض الشعور باللهجة والمتعة.
- الشعور بالتعب وعدم القدرة على إنجاز المهام.
- قلة الثقة بالنفس واحترام الذات.
- عدم النوم بانتظام والنوم بشكل متقطع.
- عدم انتظام الشهية.
كيفية التخلص من اكتئاب ما بعد الولادة:
- دفع المرأة للحديث والبوح عن كل ما تشعر به، بالأخص تجاه طفلها.
- أن تخصص المرأة وقتا لنفسها، يمكنها من الاسترخاء قدر الإمكان.
- التواصل مع أمهات وسماع تجاربهن حول الأمومة.
- تجنب تناول الأطعمة التي تتضمن نسبة عالية من الكافيين، والابتعاد عن تناول الكحول وما شابهها؛ لأنها مسبب رئيسي لحدوث تقلبات المزاج.
- ضرورة التوجه للإرشاد والدعم للنفسي عند الشعور بعدم جدى الخطوات السابقة، وعدم القدرة على تجاوز المشاعر السلبية المرافقة للولادة.
دور الزوج في اكتئاب ما بعد الولادة:
يكون للزوج عامل حاسم في حدوث أو اختفاء اكتئاب ما بعد الولادة، ينعكس ذلك من خلال أن يتوفر لدى الزوج فهم واضح عن دوره في معالجة اكتئاب ما بعد الولادة، والذي يكون بالطرق التالية:
- أن يكون لديك فهم واضح ومعرفة كافية للأعراض التي تعاني منها بسبب اكتئاب ما بعد الولادة، البحث عن ذلك يمكنك من معرفة كيفية التعامل مع زوجتك.
- خلق تواصل جيد وفعال مع الزوجة، من خلال الاستماع لكل ما تشعر به وما تحتاجه. وأظهر تعاطفك مع كل ما تقوله.
- ساعدها في إدارة كل ما يتعلق بأمومتها، مثل الذهاب معها إلى مراجعة الطبيب النسائي، تولي مهام معينة تتعلق بالطفل. هذا كفيل أن يعطيها شعورا بالأمان وبأنك بجانبها.
- التوجه لجلسات الإرشاد والعلاج النفسي ليس فقط من أجل زوجتك، بل أيضا لأجلك باعتبارك تمثل في هذه المرحلة مقدم رعاية لزوجتك وطفلك، تمارس عليك الكثير من الضغوط التي تتطلب خضوعك لهذه الجلسات.
متى ينتهي اكتئاب ما بعد الولادة؟
مع الأسف كثيراً ما تتأخر المرأة في الوصول للعلاج وذلك لعدم معرفتها أو لأن الأسرة تبحث عن مبررات، مثل: أنها مرهقة من إرضاع الطفل أو أن هناك مشاكل زوجية. وإذا فكروا بالعلاج فكثيراً ما يتم اللجوء للمشعوذين.
وحقيقة الأمر أن اكتئاب ما بعد الولادة من الاضطرابات النفسية التي تتجاوب مع العلاج وبشكل سريع، وهو عادة علاج دوائي مضاد للاكتئاب وعلاج نفسي داعم أو معرفي وسلوكي حسب الحالة.
ولا بد من التأكيد أن بعض الحالات قد تنتهي بدون علاج وأخرى بحاجة ماسة للعلاج الفوري، وقد رأيت العديد من السيدات اللواتي عانين من الاكتئاب لسنوات طويلة. وقد يتكرر الحمل مرات ومرات والاكتئاب يزداد، وقد تنصح السيدة بأن تحمل حتى ينتهي الاكتئاب، ولكن هذا خطأ فالحمل لا يحل مشكلة وقد يزداد الاكتئاب أثناء الحمل. واحتمال أن يتكرر الاكتئاب في المرات القادمة يزيد عن 20% وهذا لا يمنع من الحمل والولادة، ويمكن اتخاذ احتياطات في المرات القادمة لمنع الاكتئاب من التكرار.
ولابد من تفريق الاكتئاب عن ذهان النفاس وهو أقل شيوعاً ويصيب سيدة من كل ألف تضع مولوداً، ويكون فيه هلاوس سمعية وبصرية وتوهم الاضطهاد والمراقبة وأحيانا توهم العظمة، وقد يتطلب التدخل السريع الطارئ ودخول المستشفى. كما أن نصف النساء يشعرن بضيق، ويبكون في الأيام الأولى بعد الولادة وينتهي الأمر خلال بضعة أيام ولا يتطلب أي علاج.