كثيرا ما يتساءل الناس عن طريقة أو وصفة سحرية تخلصهم من آلامهم ومعاناتهم دون الذهاب للمعالج النفسي أو المختص الذي يستطيع معالجتهم. فهل فعلا توجد مثل هذه الأنواع من الوصفات السحرية؟!
دعونا نفترض في البداية أنكم فعلا قمتم بالتشخيص الصحيح لحالتكم، فالتشخيص الصحيح هو نصف العلاج وتتداخل مجموعة من الأسباب والأعراض والعلامات والتي يستطيع التفريق بينها الاختصاصي النفسي المتمرس فما بالكم بالشخص العادي؟!
قد تأخذون نصائح من الفيس بوك أو وسائل التواصل المختلفة مثل: كونوا أقوياء، اصبروا، كلنا نكتئب أو نقلق وهي فترة وستمر، تنفسوا بعمق وقولوا أنا سعيد وسأنجح، وغيرها من النصائح التي لا تمت للعلاج بصلة ولكنها مسكنات وهمية.
طرق علاج الاضطرابات النفسية
دعوني أعطيكم بعضا من الطرق والوسائل العلاجية التي يتبعها المعالجون النفسيون، وهنا أود أن أوضح أن كل حالة هي حالة فريدة ويتم وضع خطة وأسلوب وأهداف علاجية خاصة بها. إذا فطرق علاج الاضطرابات النفسية هي:
1. العلاج السلوكي المعرفي.
والذي يرجح أن الأفكار هي المسؤولة عما نشعر به إن كان اكتئاب أو قلق أو تصرفات قهرية. ولكي نتخلص من هذه الاضطرابات وجب علينا تعديل هذه الأفكار المرضية والتي غالبا تكون غير منطقية أو واقعية ونقوم بتبديلها بأفكار منطقية وواقعية.
فلو كنت أعاني من الاكتئاب ستكون لدي أفكار مثل أني غير محبوب أو مقبول أو أن العالم مكان مظلم ولا فائدة من بقائي فيها، ولتعديل هذه الأفكار أحتاج النظر إلى حياتي بشكل منطقي وهو ما لا أستطيع فعله إن كنت أعاني من الاكتئاب الشديد؛ لأني منشغل بشكل كبير على الجوانب السلبية فأحتاج لوجود من يدعمني ويوجهني ويساعدني بالتعرف على أفكاري وتعديل الغير منطقي منها، ثم تعليمي كيفية تعديلها والتعبير عن مشاعري بشكل أفضل دون إفراط أو تفريط وبالطرق الصحية.
2. العلاج التحليلي.
يقوم العلاج التحليلي على مبدأ مفاده أن السلوك البشري له دوافع مشكلة له قد تكون غير واعية أو معروفة، وهذا ما يدفع المعالج الذي يتبنى هذا الطريق العلاجي أن يبحث فيما وراء السلوك الممارس أي أن يبحث ويفكر بالسبب المخفي وراءه على اعتبار أن معرفة هذا السبب تمكننا من تغيير السلوك.
لذلك لا يمكننا التوصل لمعرفة هذه الأسباب دون إجراء محادثات وحوارات معمقة مع المريض حتى يتمكن من البوح بما يفكر ويشعر به، وإخراج كافة المشاعر المكبوتة التي قد تكون السبب وراء إحداث اضطراب نفسي لدى المريض. هذا ما يمكن المعالج من دراسة هذه الأحاديث والنقاشات في سياق خطة علاجية تتناول تأثير هذه المشاعر أو الذكريات على سلوك المريض وحياته.
3. العلاج السردي.
شكل من أشكال العلاج النفسي الذي يقوم على السرد، القصة، الرواية المتعلقة بالمريض نفسه. تقوم على تمعن المعالج حول المعنى الذي يعطيه المريض لتجاربه في الحياة وأن يساعده على خلق رواية أو معنى لذات التجارب بشكل لا يدفع لتحطيم وإحباط المريض.
لذلك يوجد بعض الأساسيات التي يقوم عليها العلاج السردي من ضمنها عدم إلقاء اللوم على المريض عند سماع المعالج لقصة المريض لا يجدر به أن يدفع المريض لإلقاء اللوم على نفسه أو على الآخرين حول الأفعال التي قام بها. بل على العكس يجب على المعالج أن يصب جل تفكيره بدفع المريض على التحدث عن قصصه غير المرغوبة بالنسبة له وكيف يمكن أن يغيرها بنفسه.
4. العلاج السلوكي الجدلي.
يقوم العلاج السلوكي المعرفي على ركيزتين أساسيتين وهي أولا: أن يتقبل المريض واقعه وطبيعة سلوكياته. ثانيا: أن يعمل على تغيير هذه السلوكيات بشكل وظيفي. يهدف العلاج السلوكي الجدلي إلى تنظيم مشاعر المريض وضبط انفعالاته وتمكينه من تحسين علاقته بالآخرين المتواجدين في بيئته الاجتماعية. كما وجب التنويه إلى أن العلاج السلوكي الجدلي هو طريقة معدلة عن العلاج السلوكي المعرفي إذ تم ابتكار العلاج السلوكي الجدلي للتعامل مع الحالات التي يصعب على العلاج السلوكي المعرفي معالجتها كالأفكار الانتحارية واضطراب الشخصية الحدية.
كل معالج نفسي يتخصص بأساليب وعلاجات مختلفة عن غيره، لذا فإن المعالج النفسي هو الأقدر على إعطائي العلاجات التي تناسبني ويقف بجانبي للوصول للتعافي والصحة النفسية والأهداف العلاجية التي قمنا بوضعها معا سابقا والتي تخصني وحدي. إذا الوصفة السحرية هي المعالج النفسي والاختصاصي المناسب.
اقرأ ايضا: متى يلجأ الاطباء للأدوية النفسية وما مدى فاعليتها
هل يمكن علاج المرض النفسي بدون طبيب؟
في بعض الحالات الخفيفة أو المتوسطة من الاضطرابات النفسية نستطيع تطبيق بعض التقنيات التي تساعدنا في تخفيف عبء الاضطراب أو الأفكار والمشاعر السلبية المرافقة مثل:
- الرياضة وخاصة المشي السريع لمدة نصف ساعة يوميا.
- تمارين الاسترخاء والشد العضلي.
- التنفس العميق.
- التفريغ الانفعالي عن الضغوط مثل التحدث مع صديق أو الكتابة أو الرسم الحر...
- ممارسة هواية ما أو عمل شيء يسعدنا ويملأ الفراغ لأن الفراغ هو أكبر محفز للأفكار والمشاعر السلبية.
- الغذاء المتوازن والصحي والنوم لساعات كافية.
- تعلم مهارات حل المشكلات وأساليب اتخاذ القرارات.
- تعلم كيفية التفريق بين الأفكار المنطقية والغير منطقية والتفكير بشكل إيجابي ومنطقي.
- تعلم مهارات إدارة المشاعر من أجل التعبير بشكل سوي.
هذه الوصفة ليست مخصصة لاضطراب معين وإنما هي لجميع الأشخاص الراغبين بتحسين صحتهم النفسية، ولكن إن كنت تجد أن جميع ما سبق لا ينفع أو لا تستطيع تطبيقها بمفردك وتشعر أن إرادتك ودوافعك لا تكفي، فهنا يمكنك استشارة اخصائي نفسي يسير معك نحو طريق العافية والسلام النفسي.