الإدمان هو تهديد حقيقي للصحة النفسية والجسدية يُطارد حياة الفرد الذي استسلم لسيطرته ، خصوصًا في ظل التطور والتقدم في كل شيء حوله، وتعرضه للعديد من الضغوطات النفسية التي تجعله يهرب نحوه باعتباره الوجهة الأمنة والمُخلصة له من كل المشاكل والضغوطات من حوله، ويؤثر الإدمان على الصحة النفسية والجسدية للفرد، خصوصًا مع انتشار أنواع الإدمان المختلفة سواء كانت على المواد المُخدرة، التكنولوجيا، السلوكيات الضارة مثل القمار وغيرها الكثير والكثير.
في هذا المقال من موقع حاكيني الذي يعمل على العلاج النفسي للفرد والمجتمع من خلال خدمات الصحة النفسية المتنوعة، سوف نستكشف ما هو الإدمان، و العلاقة ما بين الإدمان والصحة النفسية، أنواع الإدمان، أعراضه و طرق علاج الإدمان التي يجب التوجه إليها.
تعريف الإدمان: ما هو وكيف يبدأ؟
الإدمان هو حالة مرضية مُزمنة تتميز بعدم القدرة على التوقف في استخدام مادة معينة مثل المخدرات أو التدخين أو الكحول أو الإنخراط في سلوك له عواقب سلبية مثل: الألعاب الالكترونية أو التحرش الجنسي. ويبدأ الإدمان بتجربة تبدو بسيطة توفر المُتعة للفرد، لكن مع التكرار يُصبح الدماغ معتمدًا على هذه العادة ويشكل روابط قوية مع المادة أو السلوك الضار للشعور بالراحة أو الهروب من الواقع مما يؤدي إلى فقدان السيطرة على النفس والتأثير سلبيًا على الصحة النفسية للفرد.
العلاقة بين الإدمان والصحة النفسية
العلاقة بين الإدمان والصحة النفسية هي علاقة معقدة ومترابطة جدًا، فلا يكاد أي شخص يُصاب بأي نوع من أنواع الإدمان إلا إذا كان لديه مشاكل واضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق، حيثُ أن الإضطرابات النفسية لها العديد من التأثيرات السلبية على الصحة النفسية للفرد ومنها هروب الفرد نحو الإدمان على سلوكيات ضارة أو مواد كحولية.
كما أن الإدمان يكون سببًا في ظهور بعض المشاكل النفسية للفرد، يؤثر بشكلٍ كبير على الصحة النفسية ويؤدي إلى ظهور بعض الاضطرابات مثل اضطراب ثنائي القطب، الذهان، والشعور بالعزلة والانطواء وتغييرات في الحالة المزاجية للفرد بشكلٍ حاد، وانخفاض تقدير الذات.
الأنواع الشائعة للإدمان وتأثيرها على الدماغ
الإدمان له أنواع متعددة، ولكل نوع يُؤثر على الدماغ بطريقة مُختلفة ومن هذه الأنواع:
أولاً: إدمان المواد المخدرة
يطلق مقدمو الرعاية الصحية والمجتمع الطبي الآن على إدمان المواد اسم اضطراب تعاطي المواد، والمواد هي عقاقير لها إمكانية الإدمان، وتشمل:
-الكحول.
- الكافيين.
- الماريجوانا
- المهلوسات
- المنومات والمهدئات ومضادات القلق (أدوية مضادة للقلق)، مثل حبوب النوم والأدوية المهدئة والمنومة مثل البنزوديازيبينات و الباربيتورات.
- المواد المستنشقة مثل مخففات الطلاء وبخاخات الجو والغازات والنتريت.
- المنشطات التي تُصرف بوصفة طبية أو بدون وصفة طبية، مثل أديرال® والكوكايين والميثامفيتامين.
- التبغ/النيكوتين، مثل تدخين السجائر والسجائر الإلكترونية (السجائر الإلكترونية أو التبخير).
يُسبب الإدمان على المواد المُخدرة تغييرات طويلة الأمد في كيمياء الدماغ، خاصة في المستقبلات العصبية المسؤولة عن الشعور بالسعادة، حيثُ تعمل على تنشيط مركز المكافأة في دماغك بقوة وتنتج مشاعر المتعة.
ثانيًا: الإدمان الغير المرتبط بالمخدرات
يمكن أن تُحدث الإدمان على السلوكيات الضارة مع أي نشاط قادر على تحفيز نظام المكافأة في دماغك، وتُصبح عادة مُستهلكة بالكامل وتؤثر سلبًا على أدائك اليومي ويمكن أن تسبب مشاكل صحية عقلية واجتماعية وجسدية كبيرة، فضلاً عن المشاكل المالية في بعض الحالات.
تتضمن أمثلة الأنشطة التي قد تسبب الإدمان ما يلي:
- المقامرة اي لعب القمار وغيره.. التي تؤدي إلى تغيير في نمط التفكير، مما يجعل الشخص غير قادر على التمييز بين الأولويات.
- التسوق
- السرقة من المتاجر أو غيرها من السلوكيات الخطرة مع عدم حاجة الفرد المُدمن إلى المسروقات.
- ممارسة الجنس.
- مشاهدة المواد الإباحية.
- ألعاب الفيديو (اضطراب الألعاب على الإنترنت).
- استخدام الإنترنت بطريقة مُفرطة(مثل استخدام الهاتف أو الكمبيوتر).
جميع أنواع الإدمان تؤدي إلى تغيرات في الدوائر العصبية المسؤولة عن المكافأة والتحفيز في الدماغ، وتقلل من القدرة على التركيز، مما يزيد من صعوبة التحكم في القرارات والسلوكيات.
أعراض الإدمان النفسية والجسدية
الإدمان كحالة مرضية مُزمنة، لها العديد من الأعراض النفسية والجسدية التي تؤثر على الصحة النفسية للفرد، ومن هذه الأعراض:
أعراض الإدمان النفسية:
- الرغبة القهرية في الاستمرار بالسلوك السيء أو تعاطي المادة المُخدرة، وفقدان السيطرة على النفس، والاعتقاد بأن تعاطي المواد المُدمنة ضرورية للأداء اليومي، والرغبة الشديدة في تعاطي المخدرات.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها سابقًا، حيثُ يفقد الأفراد الاهتمام بالهوايات والأنشطة الاجتماعية وغيرها من الأنشطة التي كانت تجلب له المتعة والسعادة سابقًا.
- قضاء وقت كبير في التفكير في تعاطي مواد الإدمان أو التصرف بسلوكيات ضارة بشكلٍ مهووس.
- الشعور بالقلق أو الاكتئاب عند محاولة التوقف عن الإدمان.
- تغييرات في المزاج بشكلٍ حاد.
أعراض الإدمان الجسدية
- التعب والإرهاق وفقدان الطاقة والدافع.
- ظهور أعراض الانسحاب مثل الغثيان أو التعرق.
- تدهور الصحة العامة نتيجة إهمال الجسد مثل: تلف الكبد وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية ومشاكل القلب والنقرس وهو التهاب المفاصل والقرحة والخلل الجنسي و ضعف الجهاز المناعي.
- فقدان الشهية أو زيادة الوزن.
ظهور أعراض الإدمان هذه سواء النفسية أو الجسدية يتطلب حصول الفرد على علاج الإدمان والتوجه إلى أخصائيين نفسيين مهنيين حتى يُساعدوا الفرد على ذلك…وفي حال لاحظت هذه الأعراض يُمكنك الإنضمام إلى برامج المساعدة الذاتية الخاصة بموقع حاكيني للاستشارات النفسية مثل برنامج التخلص من الإباحية.
أسباب الإدمان
- الحالات الصحية العقلية مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة والاضطراب ثنائي القطب، حيثُ أن حوالي نصف الأشخاص الذين يعانون من حالة صحية عقلية سيعانون أيضًا من اضطراب تعاطي المواد المدمنة والعكس صحيح.
- التجارب السلبية في الطفولة مثل أحداث المراهقة أو الصدمات أثناء الطفولة، حيثُ ترتبط التجارب السلبية في الطفولة ارتباطًا وثيقًا بتطور مجموعة واسعة من المشاكل الصحية طوال عمر الشخص، بما في ذلك الإدمان، و كلما زاد عدد الأحداث المؤلمة التي شهدتها عندما كنت طفلاً كلما زاد احتمالية وجود الإدمان في وقت لاحق من الحياة.
طرق علاج الإدمان المتاحة
يقوم الأخصائيين النفسيين بالعمل على علاج الإدمان بعدة أساليب مهنية منها:
العلاج النفسي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لمساعدة المريض على تغيير أنماط التفكير والسلوكيات التي تعمل على الإدمان.
- العلاج الجماعي لتعزيز الدعم من الأشخاص الذين يمرون بنفس التجربة حيثُ يوفر بيئة داعمة للمريض ويتيح له التواصل مع الآخرين الذين يعانون من نفس المشكلة والاستفادة من تجاربهم بالتخلص من الإدمان.
العلاج الدوائي:
استخدام أدوية تخفف من أعراض الانسحاب وتساعد في استعادة التوازن الكيميائي في الدماغ مثل الميثادون…لكن يجب أن يكون بوصفة طبيب نفسي.
العلاج البديل:
تقنيات تُساعد على الاسترخاء والتأمل مثل اليوغا التي تساعد على تحسين الصحة النفسية وتقليل التوتر.
لا يوجد أي حرج أو صعوبة من التوجه إلى العلاج لو شعرت أنك تذهب في دوامة الإدمان، فالخطوة الأولى في علاج الإدمان هي اتخاذ القرار…يُمكنك التوجه إلى جلسات الاستشارات النفسية أونلاين والتواصل مع أفضل المعالجين النفسيين في حاكيني، للحصول على طريقة علاج الإدمان المناسبة لك و لحالتك.
أهمية الدعم النفسي والاجتماعي في التعافي
الدعم النفسي والاجتماعي يلعب دوراً هامًا في رحلة التعافي من الإدمان وتزيد من فرصة النجاح في التعافي عن طريق:
- الدعم النفسي والاجتماعي يحسن من صحتك العاطفية حيثُ يُمكن لأحبائك وأصدقائك من الاستماع إليك إذا كنت تشعر بتقلبات مزاجية حادة ويقدمون لك الدعم العاطفي اللازم دون الحكم عليك أو تجاهل مشاعرك.
- الدعم الاجتماعي يقوي الشخص الذي يتعافى من الإدمان و يمنحه الثقة بأنه قادر على التغلب على التحديات التي سوف تواجهها أثناء رحلة العلاج، حيثُ يمكن للأصدقاء وأفراد الأسرة تشجيعك وتذكيرك بإنجازاتك.
- الدعم الاجتماعي يمنعك من العزلة، حيثُ أن الإدمان يُشعر الفرد بالوحدة وينعزل عن الأصدقاء والعائلة حتى يتمكن من التعاطي أو ممارسة السلوكيات الضارة بسرية، لكن مع وجود الدعم الاجتماعي و خصوصًا أثناء الانضمام إلى جروبات الدعم الاجتماعي سوف تتعرف على أشخاص في نفس رحلة العلاج من الإدمان و توجد حولك شبكة دعم قوية.
- العلاج الجماعي يسمح للمرضى بمناقشة تحدياتهم والتي من المرجح أن تكون متشابهة من مريض إلى آخر، ويساعد التحدث عن التحديات في التحقق من صحة التجارب الشخصية، والتأكيد على أنه لا يوجد شخص واحد يمر بهذه العقبات بمفرده مما يُساعد في علاج الإدمان وتعزيز فكرة الإيمان بالنفس والقدرة على النجاح في الأمر.
قصص نجاح في التغلب على الإدمان
هناك العديد من القصص الملهمة لأشخاص تمكنوا من التغلب على الإدمان وعيش حياة صحية وسعيدة. هذه القصص تعطي الأمل للأشخاص الذين يعتقدون أن الإدمان نهاية الطريق، ومن هذه القصص:
- " علي 43 سنة، متعاف من الإدمان…كان قد بدأ الإدمان عند علي مع المخدرات عندما شجعه أحد أقاربه في عمر 14 على تعاطيه حتى وصل إلى الهيروين، وخلال الإدمان خسر أسرته، و دخل السجن أكثر من مرة… وكان القرار الحاسم للتوجه إلى علاج الإدمان هو عندما تدهور حالة والده الصحية…ومشاهدة أن أصدقائه قد ذهبوا إلى رحلة العلاج وتعافوا منه، لذلك قرر دخول المركز الوطني للتأهيل وأخذ العلاج الصحيح"
- " قصة جينا التي بدأت في كابوس الإدمان منذ عمر الثالثة عشر، واستمرت في تعاطي الهيروين حتى عمر الثلاثة والثلاثين، لكن نقطة التحول في قصتها وقرارها إلى التوجه ل علاج الإدمان هو سقوطها من ارتفاع 20 قدم وانكسر لديها الظهر والمعصم وكادت أن تموت، و قد حاولت مرارًا للتعافي وكان أخرها في الذهاب إلى مركز الأزمات، الذين قدموا الدعم اللازم لها والمساعدة الحقيقية، كما أن أسرتها قدمت لها الدعم اللازم"
- " قصة مريم التي بدأت في إدمان الهاتف والتكنولوجيا مما أثر ذلك على قدرتها التحصيلية في الجامعة و أدى إلى عزلتها الإجتماعية عن أفراد أسرتها والعائلة وكان كل إدمانها على لعبة ببجي التي أدمنتها لعدة أعوام، لكن عندما قررت الإنضمام للبرامج العلاجية المتخصصة والتوجه إلى جلسات الاستشارات النفسية أدى إلى توازن حياتها الشخصية والمهنية"
الإدمان هو مرض معقد يتطلب علاجًا شاملاً ومتخصصًا. ولكن، مع الدعم المناسب والعلاج الفعال، يمكن التغلب على الإدمان والبدء في حياة جديدة، لذلك لا تتردد في طلب المساعدة من حاكيني للعلاج النفسي إذا كنت أن أو أحد أفراد عائلتك يعانون من الإدمان.
يمكنك تنزيل تطبيق حاكيني من هنا: