ماذا يقول علماء النفس عن الحب؟
يعرف الحب من وجهة نظر علم النفس كل إحساس أو شعور يترك في صاحبه أثرا جميلا، يشعرون بأن حياتهم أصبحت أفضل من السابق. فذاك اللغز الذي لطالما فكر فيه الإنسان، وبحث عنه كل منا طويلاً، يوجد دراسة علمية توضح دور الهرمونات الدماغية أو ما نسميه علمياً بالنواقل العصبية Neurotransmitter على بدء الحب وتطوره ومراحله. ولماذا يقل الحب بعد الزواج وفي العلاقات طويلة الأمد؟
يأتي ذلك بسبب ازدياد نسبة هرمون الدوبامين (dopamine) أو (pleasure chemical) في مراحل الحب الأولى من الانجذاب العاطفي، بينما أكدت دراسة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF) أن الأمر مختلفا مع الأزواج وممن تربطهم علاقات ناجحة طويلة الأمد. حيث تبين نقص الدوبامين في أجساده،٬ وازدياد هرمون آخر يسمى الأوكسيتوسين (oxytocin) أو (bonding chemical). مما يعني أن كيمياء الحب (بأشواقه ولوعته) مختلفة عن كيمياء الزواج (العلاقات المستمرة طويلة الأمد).
تكمن أهمية ما ذكر سابقا في توضيح أن الحب لا يقل بعد الزواج إنما نظرة البعض للزواج خاطئة من الأساس، البعض يبني فكرة الزواج على الانجذاب العاطفي فقط على اعتبار أنه الحب. وتكون الصدمة حين يتزوج أحدهم وفي ذهنه هذه الفكرة الخاطئة، حينها سيكون لسان حاله "يا ريتي ما تجوزت" بل وسينعت كل من سولت له نفسه على الزواج بالجنون وسينصحه بالعدول عن رأيه لجهله بمفهوم الحب ومراحله.
مراحل الحب في علم النفس:
لو تأملنا أي علاقة حب مثالية، سنجد أنها تمر بثلاثة مراحل:
- مرحلة الانبهار (Infatuation): في هذه المرحلة تكون القصة في بدايتها، حيث ترى الشخص الذي تحبه وكأنه كامل ولا نقص فيه، ظريف، خفيف الظل وتكون سعيداً وأنت معه وتشعر أنه مختلف عن كل من قابلتهم في حياتك. هذه المرحلة هي التي أنتجت كل قصائد الحب والأغاني في التاريخ الإنساني، وهي المرحلة الوحيدة التي تركز عليها وسائل الإعلام والدراما الرومانسية. ولكن عليك أن تتذكر أنك خلال هذه المرحلة كل ما تراه من الشريك هي مجرد تصوراتك عنه، والوقت والمواقف هي كفيلة بأن تؤكد مدى صحتها. عليك الحذر كل الحذر من اتخاذ قرار الارتباط في هذه المرحلة.
- مرحلة الاكتشاف (Exploration): هي مرحلة تعرف كل من الطرفين على الآخر مع مرور الوقت. الوقت هو الضمان الأهم في نجاح أي علاقة، فهو كفيل بأن يكشف عيوب الشخص الذي تحبه، وإظهار حقيقة أنه ليس كاملا كما كنت تظن. هل هذا هو السير الطبيعي للعلاقة؟ نعم هذا طبيعي جدا. وحين تجد أن هذا يحدث في علاقتك الجادة فاعلم أنك تسير في الطريق الصحيح، لأن في هذه المرحلة تختفي الصورة المزيفة التي كنت تراها في مرحلة الانبهار وسترى الشخص على طبيعته. في هذا الوقت بإمكانك أن تقرر في موضوع ارتباطك بالشريك.
- مرحلة التعايش والعشرة (Commitment and companionship): وهي مرحلة الأوكسيتوسين في هذه المرحلة يصل الطرفان إلى معرفة كاملة بعيوب بعضهم، ويكون لديهم القدرة على معايشتها والتكيف معها. وهنا تأتي المقولة الشهيرة للفيلسوف الأمريكي سام كين (Sam Keen): “We come to love not by finding a perfect person, but by learning to see an imperfect person perfectly”، هذه المرحلة هي أصعب مرحلة في العلاقات، لأنها تتضمن المجال لحل الخلافات التي تنشب – حتما – بينكما، وكيفية تعامل كل منكما مع عيوب الآخر. القدرة عل تجاوز هذه المرحلة، تعني وصولكم لأقصى درجات الحب التي من الممكن أن تصل إليها العلاقة.
علامات الحب في علم النفس:
تختلف علامات الحب تبعا للمرحلة التي وصلنا لها في العلاقة، مثلا:
- التواصل البصري: عندما نكون في بداية العلاقة يعتبر التواصل البصري أي تبادل النظرات ما بينكم هو علامة من علامات الرغبة في التواصل.
- استخدام ضمير الجماعة: فيما بعد مرحلة التعارف والتقارب عندما يكون محور نقاشكم ومخططاتكم المستقبلية، قائمة على المشاركة ما بينكم وبأن كل منكم هو جزء من مخططات الآخر، واستخدام ضمير الجماعة عند الحديث عن هذه المخططات.
- العمل على اتخاذ خطوات في حياتنا وتغيير خططتا وأهدافنا بما يوائم ويحافظ على استمرار العلاقة.
أسباب الحب في علم النفس:
- تلبية الاحتياج العاطفي.
- لفهم ذواتنا فالاتصال العاطفي مع الآخر يمكنا من فهم أنفسنا واحتياجاتنا.
- التشابه ما بين الشريكين في طريقة التفكير والمعتقدات وبعض طباع الشخصية.
- وجود إعجاب متبادل واهتمام أحدهم بالآخر، يجعله يشعر بأنه مميز ويستحق الحب.
- وجود رغبة في معرفة الآخر واكتشافه وتحول هذه الرغبة للشغف تجاه معرفته.
في النهاية القدرة على استحداث "مرحلة الانبهار" من حين لآخر في مرحلة التعايش يضمن استمرار العلاقة والذهاب بها بعيدا. فلا بأس في زيارة نفس الأماكن التي كنا فيها في بداية تعارفنا، كلمة رقيقة، لمسة حنونة، هدية بسيطة. هذه هي العلاقة الأقرب للمثالية، وليست مرحلة الانبهار فقط كما توهمك أغلب الأفلام والدراما الرومنسية إن لم تكن كلها.
يقع في هذا الشرك ملايين من الناس، حين يجدون أن مشاعرهم قد تغيرت دون أن يفهموا السبب وتكون النتيجة دمار علاقة رائعة، دون أن يعلموا أن هذا التغير جزء من العلاقة الطبيعية بل ودلالة على صحتها ونضجها.
الغزل، الرومانسية، الانجذاب، السهر، والحديث الطويل الممتع الذي لا يكل ولا يمل منه في "مرحلة الانبهار" طبيعي، لأنك لا ترى عيوبا وهذا لا يعتبر حباً. أما الحب الحقيقي فهو مرورك بجميع مراحل العلاقة بنجاح، لأن هذا يعني أنك عرفت شخصا وأدركت عيوبه وظللت مصرا على الحياة معه رغم كل شيء.
حمل تطبيق حاكيني على جوجل بليي او اب ستور للحصول على استشارة نفسية او الحصول على تمارين المساعدة الذاتية.