ما هي الأفكار السلبية؟
هي الأفكار التي يعرفها علم النفس المعرفي بأنها: الأفكار السلبية negative thoughts أو الأفكار المعطلة، وهي تتولد نتيجة معتقدات خاطئة وتفسيرات نتجت عنها أفكار غير منطقية، مما يسبب الشعور بالتوتر، القلق، انخفاض الدافعية، والمزاج السيء. مثال ذلك أساليب التعميم مثلاً كأن نرى امرأة لا تقبل الزواج كونها تعرضت للخيانة من حبيب أو زوج سابق فتقول: "جميع الرجال خائنون". أو شخص تعرض للخذلان أو السرقة بالماضي ما يدفعه للقول: "جميع الناس ناكرون للمعروف أو جميع البشر سارقون". خلق هذا التعميم حول الأشخاص المحيطين بك يمثل أفكار سلبية تولد لديك الشعور بالقلق والتوتر.
يمكن أن تتخذ هذه الأفكار السلبية شكل الأفكار النمطيةtypical thoughts ، وهي تكون أفكار شائعة ومشتركة للمصابين بنوع من الاضرابات النفسية. فهناك أفكار نمطية للمكتئبين وهناك أفكار نمطية للرهابيين ولمرضى الوسواس القهري. مثال ذلك: الأفكار النمطية للأشخاص المكتئبين تكون بقولهم التالي: "العالم مكان تعيس، لا أمل بالمستقبل، أو أنا شخص تافه ولا استحق الحياة"، أما الأشخاص المصابين بالقلق تتمثل أفكارهم بقول التالي: "هناك مصيبة سوف تحدث."
أعراض الأفكار السلبية:
هناك تصرفات تحذر منها “آيمي مورين” الأخصائية النفسية والمحاضرة في جامعة “نورث إيسترن” الأمريكية، لأنها تؤثر على تفكيرك وتدمر سلامك النفسي وتمثل في جوهرها أعراض الأفكار السلبية.
- الإفراط في إلقاء اللوم على النفس: لوم نفسك على كل شيء، تؤثر بشدة على الطريقة التي ترى بها نفسك والعالم من حولك، وبالتالي تمنعك من الوصول إلى السلام النفسي. فأنت بتلك الطريقة تهين نفسك بشكل غير طبيعي، وهو ما سيسبب لك أذى أكبر من ذلك الذي شعرت به عندما أخطأت. الأشخاص الذين يحافظون على سلامهم النفسي، لا يلقون باللوم على الآخرين ويبرئون أنفسهم، وإنما يدركون أنهم مسؤولون عن خياراتهم، لكنهم يعترفون أيضا بالعوامل الخارجة عن إرادتهم.
- العيش في دور الضحية: العيش في دور الضحية دائما وإدمان إلقاء اللوم على الآخرين في كل كبيرة وصغيرة وعدم إدراك ما نقترفه من أخطاء، يمنعنا بلا شك من أن نـُخرج أفضل ما لدينا. وفي الواقع إذا ألقيت لوم جميع مشاكلك على الظروف الخارجية، فلن تتحمل مسؤولية حياتك أبدا. من يحافظون على السلام النفسي، يعترفون باختياراتهم وأخطائهم، حتى في مواجهة الظروف المأساوية، فهم يركزون على الأشياء التي يمكنهم التحكم فيها، ويرفضون إضاعة وقتهم في استجداء الشفقة.
- مطاردة السعادة والراحة: إن التفكير في أنك بحاجة لتكون سعيدا، وتعيش في راحة طوال الوقت، سوف يأتي بنتائج عكسية. الناس الأسوياء نفسيا مستعدون لبذل الجهد الشاق الذي يتطلبه الأمر، ويبحثون عن طرق لبناء مستقبل وحياة أكثر إشراقا عن طريق إنشاء أهداف طويلة الأجل. الأشخاص الأقوياء يواجهون مخاوفهم، ويغامرون في مناطق مجهولة، مدركين أن الشعور بعدم الارتياح أمر مطلوب، وأن السماح لأنفسهم بتجربته هو مفتاح لعيش حياة أفضل.
- الرغبة في الانتقام: قد تعتقد أن التمسك بالضغينة تجاه الآخرين والرغبة في الانتقام منهم هي عقاب لهم بطريقة ما، ولكن في الواقع إن التشبث بالغضب والكراهية يقلل فقط من سلامك النفسي، ويدخلك في دوامة قد تنتهي بما لا يحمد عقباه. اترك الضغائن خلف ظهرك حتى تتمكن من تركيز طاقاتك وتفكيرك على أسباب أكثر أهمية للنجاح.
- الخوف من طلب المساعدة: إن التفكير في أنه يمكنك القيام بكل شيء بمفردك حتى تظهر للآخرين أنك تتصرف بقوة، يؤثر بالسلب عليك على المدى البعيد، ويضع ضغوطاً نفسية وبدنية على عاتقك بشكل لا يمكنك تحمله. هناك أوقات يكون فيها طلب المساعدة أمرا مهما، لا تخف من طلب المساعدة من غيرك إن احتجت إلى ذلك. فالناس سواء كانوا يعتمدون على من هم أعلى منهم مكانة، أو يطلبون مساعدة مهنية، أو يعتمدون على صديق أثناء مرورهم بأزمة ما. فهم يكتسبون قوة من الآخرين، ويعطيهم ذلك الأمر شعورا متجددا بالسلام النفسي.
كيفية التخلص من الأفكار السلبية؟
والآن، بعد أن حذرتنا “آيمي مورين” من الأفكار التي تحول بيننا وبين الوصول إلى السلام الداخلي، يخبرنا خبير التنمية الذاتية الدنماركي “هنريك إدبرج” عن طرق بسيطة للوصول للسلام النفسي والتخلص من الأفكار السلبية. وهي كالآتي:
- اذهب إلى عملك أو موعدك باكرا، فهذا يعطيك فترة للاسترخاء واستعادة طاقتك.
- اسأل بدلا من أن تخمن: فقراءة العقول مستحيلة إلى حد كبير، وللأسف ما زال الكثير من الناس يحاولون فعل ذلك في كثير من الأحيان، فيخلقون استنتاجات تسبب لهم القلق والشك. لذلك اسأل وتواصل مع الأخرين بدلا من التشكيك فيهم. قد يكون الأمر في بعض الأحيان صعبًا بعض الشيء في البداية، ولكنه قد يوفر لك وللأشخاص من حولك ، الكثير من المشاكل على المدى الطويل.
- خذ فترة راحة: اقرأ رواية، شاهد برنامجك التلفزيوني أو فيلمك المفضل. إنه أمر بسيط ولكنه يعمل بقوة على رفع الضغط وتحقيق السلام النفسي.
- لا تؤجل حل مشكلاتك: ربما تكون على دراية بما يجب القيام به بالفعل، ولكنك لا تفعله وكلما طال الانتظار زاد التوتر داخلك.
الغريب والمهم أن هذه الأفكار السلبية هي مشتركة لدى مجموعة من البشر من بيئات، دول، ثقافات، وأعمار مختلفة. وهذا يبين لنا كيف أن العقل البشري يعمل بشكل متشابه رغم الاختلافات الثقافية والعمرية والجنسية. ولكن السؤال يبقى ما هي الأفكار الصحية التي يكون التفكير بها بشكل مستمر، وإذا تعودنا وآمنا بها وكررناها بعقولنا تكون مفيدة للصحة العقلية والنفسية؟ ببساطة لا تدع سلوك الآخرين يدمر سلامك الداخلي، القوة العقلية والسلام النفسي يسيران جنبا إلى جنب، فالناس الأقوياء عقليا واثقون من أنهم قادرون على التعامل مع أي شيء يعترض طريقهم في الحياة، ولذلك تجدهم يتمتعون بسلام نفسي كبير. هذا لا يعني أنهم لا يشعرون بالألم أو الحزن، لكنهم لا يضيعون طاقتهم في ما لا طائل منه، بل يركزون على إدارة أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم.
اقرأ أيضا : كيف يمكنني التخلص من التفكير السلبي ؟