يحدث الضغط النفسي في ظروف مختلفة مثل أن يكون لدى الإنسان أعباء عديدة مثل الدراسة أو العمل، ولم يستطع إنجازها، هذه الظروف من شأنها أن تدخل الإنسان في حالة من الضغط النفسي، لكنها ليست شرطا لحدوثه. من الممكن أن تتشكل هذه الظروف في الأماكن التي يحدث فيها الضغط النفسي مثل التعرض لخطر جسدي كالحروب والمرض، أو الخطر الاجتماعي كالتعرض للإهانة، الذل الاجتماعي، فقدان أشخاص أو الشعور بالوحدة. هذه هي الحالات التي من الممكن أن تسبب ضغوطات نفسية للشخص.
كيف اعرف اذا كنت اعاني من ضغط نفسي ام لا؟
لمعرفة ما إذا كنت تعاني من ضغط نفسي أم لا؟ يجب عليك الاطلاع على عدة جوانب:
- الجانب الأول: هو الجانب الذهني أي استمرار التفكير في قضايا عالقة مثل العمل أو الحياة الشخصية و غيرها،
- الجانب الثاني: هو الجانب العاطفي أي الإحساس بالقلق أو الخوف،
- الجانب الثالث: هو الجانب الجسدي لأن الجسد يبقى معك في جميع الأوقات، وفي جميع التجارب التي تخوضها ويعطي ردود فعل، فإذا كنت تعاني من ضغط نفسي فذلك يؤدي إلى توتر العضلات، زيادة دقات القلب، سرعة التنفس وغيرها من الأعراض، وذلك لأن الجسد يكون في حالة تأهب ويتوقع حدوث شيء خطير،
- الجانب الرابع: هو الجانب الاجتماعي (العلاقات) ما يؤدي لحدوث توتر في العلاقات الأسرية والإجتماعية.
أعتقد الطب لسنوات طويلة أن الجراثيم والفيروسات تسبب الأمراض، لكن في العقود الأخيرة اكتشف أن الفيروسات والجراثيم لا تسبب الأمراض إلا بقرار من الجهاز المناعي الذي يتوقف عنده قرار دخول المرض أو منعه، ذلك على الرغم من وجود الأمراض في كل مكان، إلا أنه تتوقف إصابة أي أنسان على القوة المناعية لديه. الجهاز المناعي يتحسن ويضعف بحسب الضغط النفسي الذي يتعرض له، ففي فترة الامتحانات مثلا وفي أي ظروف ضاغطة، الجهاز المناعي يضعف ويصبح الإنسان أكثر عرضة للمرض، هذا يقودنا إلى أن المؤثر الحقيقي والمسؤول عن الإصابة بالأمراض هي العوامل الداخلية وليست الخارجية، فالإنسان مسؤول عن جزء من مرضه، وهذا ما ينطبق على تعرض الإنسان للضغط النفسي والذي تعتبر العوامل الداخلية هي السبيل لتحديد كيفية مواجهته ليست الخارجية.
كيف يمكننا العمل على مواجهة الضغط النفسي؟
تنقسم طرق المواجهة إلى عدة مكونات:
- أولها: كيفية قراءة النفس، بمعنى هل يقرأ الإنسان نفسه كشخص قادر أم ضعيف؟ وقراءة النفس لا تتعلق بالقدرات فيمكن أن يكون لدى شخص قدرات جسدية أو فكرية هائلة، ومع ذلك يشعر بالضعف،
- ثانيها: القراءة مختلفة عن الوضع الموضوعي للذات، أي كيف يقرأونا الاخرين وكيف هي ردود فعل الاخرين تجاهنا إن كانوا داعمين محبين أو عدائين، قراءة الآخرين تحدد كيفية التعامل مع الوضع النفسي.
- ثالثها: إن كان رد الفعل السلوكي يواجه أم ينطوي أو إن كان لا يواجه الظرف الخارجي.
هنالك ثلاثة طرق للمواجهة:
اثنتين منهما هما من مسببات الضغط النفسي وتستطيع أن تفحص وترى كيفية التخلص منها.
- أولا: الطريقة الشائعة هي العنف والعصبية، وهذه الطريقة ليست حتمية فلا يجب أن تغضب عند الضغط، فالبعض يبكي أو يراجع نفسه، فأي ضغط خارجي لا يجوز التعامل مع العصبية باعتبارها السبيل الوحيد، لكن مع الأسف البعض مقتنع أن العصبية حتمية. يمكن تشبيه العصبية بسمك القرش لأنه مفترس ويعتدي على غيره، وهذا نمط أو طريقة من طرق المواجهة.
- الطريقة الأخرى المعاكسة هي الاختباء، ويمكن تشبيه هذه الطريقة بسمك السردين لأنه يختبئ بصخور ليحمي نفسه، وهو لا يعرف كيف يحمي نفسه. والتشابه بين الطريقة الاولى والثانية أن في كلتيهما ينتظر الشخص الحل من الخارج، فالشخص العصبي يريد أن يغير الأشخاص الاخرين، فيغضب ليجبرهم على إطاعته ولا يستطيع فيغضب ويدخل في ضغط نفسي، والسردين ينتظر حتى تتغير الدنيا فإذا تواجد في مكان عمل ضاغط ينتظر، يتأمل، يطلب ويترجى ولا يستجاب له،
- الطريقة الثالثة: يمكن تشبيهها بالدولفين والذي يعتبر حيوان ذكي، اجتماعي، يأخذ ويعطي، ولا يسمح للاخرين بالاعتداء عليه ولا يعتدي على الآخرين كما يعبر عن نفسه. الإنسان العصبي عند عودته إلى المنزل إن وجد شيء لا يعجبه، يلجأ إلىى الصراخ. بشكل عام الرجال يلجأون إلى العصبية أما النساء يلجأون إلى الاختباء، الدولفين يقول للطرف الاخر أنا أتوقع منك، الطرف الآخر من الممكن أن يستجيب، وإن لم تتم الاستجابة من الاخر يقرر حينها الدولفين ماذا يريد أن يفعل، وهذا هو الفرق فالدولفين يقرر ماذا يفعل، ولا يستمر بإنتظار الفعل من الاخرين.
كيف تتطور طرق مواجهة الضغط النفسي عند الانسان؟
تتطور طرق المواجهة في جيل مبكر، إذ في أول خمس سنوات من عمر الطفل تتكون لديه الأحجار الأساسية لولادته مع معتقدات وراثية معينة، ويصبح هناك تفاعل بين ما اكتسبه عن طريق الوراثة وما هو عن طريق البيئة، دائما البيئة والوراثة يتفاعلان مع بعضهما البعض فيولد الطفل مع شحنات وراثية، ليتفاعل بعد ذلك مع الأهل. من الممكن أن يلجأ الأهل إلى الدلال أو السلطة في تعاملهم مع طفلهم، ما يجعل الطفل أمام شحنات وراثية يمكن أن توجهه إلى العصبية، ويضاف لها تعلمه من أهله أن العصبية هي سبيله الوحيد للدفاع عن نفسه، هذا يجعله يطور نهج معين في تصرفاته وتعامله، يذهب إلى المدرسة حاملا نفس النهج حتى وإن كانت المدرسة قادرة على تطوير نهج اخر لسلوكه، مع ذلك يبقى لنهج أهله التأثير الأكبر فيبقى معه حتى ذهابه إلى العمل وزواجه. لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد إمكانية للتغيير، بل نحن نملك القدرة على تغيير أنفسنا، لكن يعد الثبات في الشخصية والميزات وطرق المواجهة عائقا أمام التغيير، فالتغيير حتى يحدث يحتاج إلى التعرض لصدمة أو التوجه الى العلاج النفسي أو تغيير جدي في حياة الشخص، غير ذلك لا يمكن التعويل على الحياة اليومية العادية، إذ يحمل الشخص فيها ما تعلمه واكتسبه لينقله من مكان إلى اخر ويستمر على ذات الطريق في مواجهة ظروف الحياة وفي تعاطيه مع تجارب الحياة.
اقرا ايضا عن تغيير الاخرين.
الضغط النفسي لا يحدث فقط في التجارب السلبية، بل يحدث في التجارب الإيجابية أيضا، مثل: الأفراح والأعياد، ففي الولايات المتحدة الامريكية ترتفع أعداد المرضى وحالات الوفيات في المستشفيات في موسم الأعياد. الضغط النفسي لا يقتصر على الشعور بالانزعاج من الناحية الشعورية بل أيضا يشكل خطر أساسي يهدد الصحة الجسدية. قبل آلاف السنين لاحظ العالم ابن سينا العلاقة بين الضغط النفسي والوضع الجسدي، فوضع خاروف وذئب تحت التجربة ربطهما بحيث يكونا أمام بعضهما البعض بحيث لا يستطيع الذئب الاقتراب من الخروف، وذلك لجعل الخاروف في حالة خوف ورعب بعد عدة أيام من ذلك توفي الخاروف. لذلك كلمة (مت من الخوف) لها أساس علمي، الشعور بالخوف يصنع اضطراب في كل أجزاء الجسد، ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة، قبل مئة عام تقريبا العالم hans selys أحد واضعي نظرية الضغط النفسي أثبت بشكل علمي بأن استمرار الضغط النفسي يضر بأنسجة الجسم وأداء أعضائه، ما يؤدي إلى تدهور الصحة الجسدية.
اشترك مع منصة حاكيني للاستشارات النفسية اونلاين احصل على إرشادات من خلال برامج للمساعدة الذاتية او قم بالتحدث مع أفضل أخصائي العلاج النفسي، بما يشمل مختصين من المجال الاجتماعي، الزوجي، الاسري وغيرهم للاشتراك من هنا مجاناً.