مع المعاناة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وجميع هذا الألم والفقد والتشريد الذي يعاني منه شعبنا الحبيب في قطاع غزة، يجدر بنا الإشارة إلى الضغط الذي يعاني منه العاملين في الخط الأول والذين يتعرضون إلى ضغوط نفسية بالإضافة إلى كونهم يعملون في الصفوف الأولى حيث يكونوا معرضين أكثر من غيرهم إلى الخطر. منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فجعنا باستشهاد 16 صحفياً فلسطينية أثناء تأديتهم لعملهم. الصحفيين والصحفيات يعانون من الكثير من الضغوط النفسية ومن ضمنها خطورة العمل في الميدان واستهداف الصحفي بشكل مباشر في كثير من الأحيان، وتكميم الأفواه الأفواه من قبل المؤسسات الإعلامية الكبرى وفرض لغة عالمية لا تتوافق مع وجدان الصحفي في كثير من الأوقات، ومشاهدة القتل والتهديد والعنف الواقع على المواطنين بشكل مباشر، علاوة على الضغوطات اليومية الناتجة عن الوقوف أمام الكاميرا والبث المباشر وما إلى ذلك من مثيرات القلق والتوتر.
أود أن أوضح إلى أنه من الآثار النفسية المهمة التي قد تلحق بالصحفيين، الصدمة المباشرة عندما يتعرضون للخطر بأنفسهم، والصدمة الثانوية عندما يشاهدون أو يسمعون قصص الخطر أو التهديد التي تحدث لآخرين سواء بشكل مباشر أو عن طريق الشاشات والكاميرات وتعرضهم لصور مؤذية، والاحتراق الوظيفي عندما تصيبهم حالة من الخدران الحسي واللامبالاة والتعب والملل من العمل، أو الضغوطات النفسية الأقل وطأة والتي قد تفضي للقلق والاكتئاب.
نصيحتي لك إن كنت صحفيا:
-
تذكر أولا أن الصحفي إنسان، ولم يأخذ أي لقاح ضد الصدمة النفسية، لذا فهو ليس محصنا من الأثر النفسي لها حتى وإن كان يرتدي السترة الواقية.
-
تعامل مع الأحداث الصادمة بحذر، ولا تُقبل على إنتاج الصور والفيديوهات التي توثق الأحداث الصادمة بنَهَم وبتفاصيل مؤذية للمشاعر، تخفف من صوت الفيديو مثلا أو حاول تغشية الصورة وجعلها ضبابية.
-
ركز على تقنيات الجانب المهني لإنتاج صورة حسنة تؤدي عملها في نقل الخبر، وحاول أن تنآى بنفسك عن الحمل العاطفي الذي تحمله هذه الصور.
-
قلل من وقت تعرضك للأحداث الصادمة، تناوب مع أحد زملائك ولا تتعامل مع الأحداث الصادمة خارج إطار العمل، وحاول قضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء تأكيدا للحدود الفاصلة بين الحياتين العائلية والمهنية.
-
لاحظ نفسك كيف تتأثر من هذه الأحداث، إذ أن إدراكك المبكر لعلامات الضغط النفسي التي قد يلمّ بك هام في منع تفاقم الأمور، لاحظ أعراضك الجسدية كوتيرة ضربات القلب والتنفس وجودة نومك وانفعالاتك مع الآخرين وإنجازك في العمل. هل أصبحت سريع الغضب؟ سهل البكاء؟ قليل التركيز؟ قد تكون هذه علامات الإنهاك النفسي.
-
تحدث إلى شخص مقرب وواع عما تمر به، قد يكون مشرفا عليك بالعمل أو مختصا في الصحة النفسية.
نصيحتي لك إن كنت مديرا أو مشرفا لصحفي:
-
عليك الانتباه للصحة النفسية للصحفيين وذلك من خلال ملاحظة ردود أفعالهم وانفعالاتهم نتيجة للأحداث وإدراك أن الأفراد المختلفين لديهم ردود أفعال متباينة
-
عليك تقديم نموذج جيد بالاعتناء بالعافية النفسية الخاصة بك، وأخذ استراحة عندما تكون الأمور ضاغطة.
-
اعلم أنه من المقبول أن يتوجه الموظفون إليك لسماع كلمة طيبة تعترف بالمعاناة التي يمرون بها، وللتربيت على أكتافهم والأخذ بيدهم لمساعدتهم على المضي قدما.
وفي النهاية، نؤمن أن تقديم تدريبات الرعاية النفسية وأدوات مساعدة الذات وتوفير المرافقة العلاجية النفسية للصحفي هي إجراءات ضرورية تماما كاجراءات ارتداء الخوذة والسترة الواقية للتخفيف من إصابات العمل.