من مشاهداتنا العيادية نرى أشخاصا تدفعهم الرغبة الملحة بالحصول على جسم رشيق إلى تناول أدوية تبطل الشهية، وقد يقدمون على تلك الخطوة دون استشارة طبيب مختص، ونلحظ ارتفاعا في معدلات الاكتئاب والهوس كما ويتعرض الشباب الذين يتناولون المحفزات لبناء العضلات الى نوبات ذهانية وضعف جنسي كأعراض جانبية لتلك الأدوية، وحتى أنظمة انقاص الوزن الطبيعية قد تؤثر سلبا على الحالة النفسية وهو ما تؤكده الأبحاث السريرية، ففي دراسة لرصد الأعراض الاكتئابية أجريت على 194 مشتركا في برنامج لانقاص الوزن، أبلغ 13.9٪ من المشاركين عن زيادات ملحوظة في أعراض الاكتئاب، كما بلغ معدل انتشار التفكير الانتحاري ب 3.6%.
ومن ناحية أخرى، تعد زيادة الوزن بسبب الأدوية عرضا شائعا عند استخدام الأدوية في العلاج النفسي، قد يعتبرها البعض نتيجة إيجابية بسبب نقص الوزن لديهم، ولا بأس بزيادة بعض الكيلوغرامات لدى المعتدلين في الوزن، لكنها قد تشكّل تحديا لدى الأشخاص الذين يعانون أصلا من وزن زائد؛ فتراهم يترددون قبل أخذ الدواء برغم حاجتهم إليه، أو يقلعون عنه حتى دون استشارة الطبيب النفسي المشرف عليهم بعد ملاحظة زيادةً في أوزانهم.
وفقًا لمراجعة أجريت عام 2014 لثماني دراسات، فإن ما يصل إلى 55% من المرضى النفسيين الذين يتناولون مضادات الذهان الحديثة يعانون من زيادة الوزن، وهو أثر جانبي يبدو أنه ناتج عن اضطراب الإشارات الكيميائية التي تتحكم في الشهية.
بعد الاطلاع على الأدوية التي تستخدم عادة في علاج الحالة المرضية، وتنحية ما لا يسبب زيادة في الوزن منها لعدم مناسبته لتلك الحالة، قد يضطر الطبيب النفسي إلى وصف بعض الأدوية التي تزيد الوزن، لكن وصفها من قبل الطبيب النفسي والالتزام بها من قبل المريض لا يعنيان حتمية السمنة، كما لا يعنيان الاستسلام لتلك الزيادة والوقوف مكتوفي الأيدي أمام هذا العرض غير المرغوب به، فوفقًا لدراسة أجريت عام 2015 على 200 شخص يعانون من مرض نفسي شديد والذين كانوا يتناولون مضادات الذهان لمدة شهر على الأقل وكانوا يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، ساعدت التدخلات السلوكية الأشخاص في الحفاظ على وزنهم أثناء تناول هذه الأدوية. حيث وجدت الدراسة أن اتباع نظام غذائي شخصي وخطة للتمارين الرياضية كان مفيدًا لـ 40 في المائة من المشاركين، الذين خسروا ما لا يقل عن 5% من وزن أجسامهم بعد ستة أشهر.
كما علينا أن لا ننسى أن هذه الأدوية قد تم وصفها من قبل الطبيب النفسي لعلاج مرض أو السيطرة على عرض، فإذا أردنا مقارنة فوائد تلك الأدوية في تحصيل الصحة النفسية للمتعالج النفسي مع أثرها الجانبي في زيادة الوزن فإن الكفة سترجح لصالح الفائدة لا محالة، فالتمتع بصحة نفسية أفضل سيجنب صاحبها الكثير من المتاعب الناتجة عن المرض النفسي، فمثلا أن يزيد وزن أحد المصابين بالذهان هو أقل ضررا من أن يستجيب إلى صوت يهمس في أذنه أن اقتل والدك أو أن يقفز من علو منهيا حياته!
وأخيرا، تعتبر مراقبة وزن الجسم والاختيار الحكيم للأدوية من أفضل الطرق لمنع زيادة الوزن لدى المرضى الذين يتناولون أدوية نفسية، كما ندعو المتعالجين النفسيين للالتزام بعلاجهم الموصوف لهم والبقاء على اتصال مع طبيبهم النفسي للتوصل إلى قرار مشترك بشأن الأدوية المناسبة للحالة وذات الآثار الجانبية الأكثر قبولا لدى المريض.
اشترك مع منصة حاكيني للاستشارات النفسية اونلاين احصل على إرشادات من خلال برامج للمساعدة الذاتية او قم بالتحدث مع أفضل أخصائي العلاج النفسي، بما يشمل مختصين من المجال الاجتماعي، الزوجي، الاسري وغيرهم للاشتراك من هنا مجاناً.