القلق والخوف هي مشاعر طبيعية من الممكن أن تصيب للجميع. لكن أحيانًا، قد يعاني بعض الأشخاص من اضطرابات القلق ومخاوف مفرطة ومستمرّة. وغالبًا ما تنتج عن اضطرابات القلق نوبات متكرّرة من التوتّر والخوف أو الرعب التي تصل إلى ذروتها في دقائق معدودات، فيما يُعرف أيضًا بنوبات الهلع. وقد تتعارض هذه المشاعر مع نسق الحياة اليومية، مما يستوجب علاجها قبل أن تتسبّب في المزيد من الأذى لصاحبها والمحيطين به.
ما هو الخوف
الخوف هو عاطفة إنسانية غريزية تنشأ استجابة لتهديد أو خطر محسوس. وهو آليّة بقاء طبيعية توجد عند الجميع ولكن بدرجات متفاوتة. عندما نشعر بالخوف، تخضع أجسامنا لتغيرات فسيولوجية كارتفاع معدل ضربات القلب، وسرعة التنفس، وإفراز الهرمونات التي تُسبّب التوتّر مثل الأدرينالين. وعادة ما يختلف الخوف من شخص لآخر، وقد يتعلق بمواقف بعينها أو يأتي من مصادر مختلفة. وقد يتولّد الخوف من مواقف واقعية مثل التعرض إلى العنف أو اعتراض حيوان مفترس، كما يمكن أن يكون الخوف ناتجًا عن أحداث مستقبلية مثل الخوف من الفشل أو من الموت.
ما هو القلق
أمّا القلق، فهو حالة عاطفية أكثر تعقيدًا، إذ يتميز بمشاعر الخوف الشديد التي لا تتناسب مع التهديد الفعلي الذي نتعرّض له. على عكس الخوف أعلاه، والذي ينجُم عادة عن التعرض إلى خطر مباشر، ينشأ القلق غالبًا من توقّع التهديدات المستقبلية أو المواقف التي لم يتأكّد حصولها. صحيح أن القلق هو شعور طبيعي، يمكن بفضله أن يعمل الشخص على اتخاذ إجراءات مناسبة في الوقت المناسب. إلّا أنه من السهل أن يتحول القلق إلى مشكلة عندما يُصبح مفرطًا ومستمرًا وغير متناسب مع الوضع. تشمل اضطرابات القلق اضطراب القلق العام، واضطراب الهلع، واضطراب القلق الاجتماعي، والرهاب.
ما هو التوتر
والتوتر هو حالة من الضيق النفسي والعاطفي الذي قد ينتج عن ضغوط الحياة اليومية مثل المشاكل المالية، أو العمل الشاق، أو المشاكل العائلية. ويتميّز التوتر بشعور شديد بالقلق والاضطراب النفسي والجسدي. وفي حين أنه من الممكن أن يكون التوتر رد فعل طبيعي لمواجهة المواقف الصعبة أو المحفّزات الخارجية، إلّا أن كثرة التوتر هي مضرّة للصحة النفسية والجسدية على حد سواء.
الفرق بين الخوف والقلق
الخوف والقلق هما حالتان عاطفيتان مترابطتان ولكنهما في نفس الوقت مميزتان عن بعضهما البعض.
ويشترك الخوف والقلق في عدة قواسم مشتركة:
- الاستجابة العاطفية: ينطوي كل من الخوف والقلق على مشاعر سلبية قد ينتج عنها الضيق وعدم الارتياح.
- الاستجابة السلوكية: قد يدفع كل من الخوف والقلق الفرد إلى ممارسة أفعال مُحدّدة كطريقة للتعامل مع أحاسيسه أو حماية نفسه. على سبيل المثال، قد يؤدي كلاهما إلى السلوكيات التجنبية، أو طلب الأمان من الآخرين.
- تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي: يؤدي الخوف والقلق إلى تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي الذي يتحكم في الوظائف الجسدية التلقائية، مما ينتج عنه عدد من التغيرات الفسيولوجية، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب، وزيادة ضغط الدم، وسرعة التنفس، إلخ.
- نمط التفكير: يمكن أن يؤثر كل من الخوف والقلق على طريقة التفكير لدى الإنسان. كما يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في النوم، وصعوبة في التركيز، وتمحور التفكير حول التهديدات أو النتائج السلبية المحتملة.
- تداخل آليات الدماغ: يشمل الخوف والقلق مناطق دماغية ومسارات عصبية متشابهة. وتلعب اللوزة الدماغية، وهي بنية دماغية تنشط خلال معالجة المشاعر، دورًا هامًا في كل من استجابات الخوف والقلق. بالإضافة إلى نشاط مناطق الدماغ المسؤولة عن اتخاذ القرارات وتقييم المخاطر، مثل قشرة الفص الجبهي.
رغم اشتراك الخوف والقلق في عدد من الجوانب، عادة ما يكون القلق أكثر عمومًا واستمرارًا من الخوف، وغالبًا ما يأتي دون سبب، وقد يتطور أحيانًا ليصبح في شكل اضطراب لا يمكن السيطرة عليه، ويؤثر بشكل كبير على حياة الفرد؛ وفي تلك الحالة، قد يتطلّب مساعدة مهنية للتحكم فيه. يمكن أن يساعد فهم الفروق بين الخوف والقلق في التعرّف على هذه المشاعر وإدارتها بفعالية.
من ناحية أخرى، يُعدّ التوتّر مفهومًا أوسع يشمل مجموعة من الاستجابات العاطفية، والمعرفية، والفسيولوجية لمختلف الضغوط والمطالب. بينما يرتبط الخوف عادةً بتهديد أو خطر معين، يمكن أن ينشأ التوتر من مصادر متعددة، بما في ذلك العمل، أو العلاقات، أو المخاوف المالية، أو التطلّعات الشخصية. يمكن أن يكون التوتر حادًا وقصير الأجل أو مزمنًا، وقد يصبح له تأثير تراكمي مع مرور الوقت.
علاقة الخوف والقلق بالتوتر
هناك صلة وثيقة تربط بين القلق والتوتر. وبالرغم من وجود العديد من أوجه التشابه، فيمكن لفهم علاقتهما أن يساعد في التمييز بينهما.
يشير التوتر إلى الاستجابة الجسدية والنفسية التي تنتج عن تلقّي الفرد لطلب أو تهديد، سواء أكان حقيقيًا أو من محض خياله. والتوتر هو رد فعل طبيعي وقابل للتكييف، يهيئ الجسم للاستجابة للتحديات. يمكن أن ينشأ التوتر من مصادر مختلفة، مثل العمل أو العلاقات أو الضغوط المالية أو تغييرات كبيرة في الحياة. وقد يكون مؤقتًا (حادًا) أو مستمرًا (مزمنًا).
أما القلق، فهو استجابة عاطفية مُحدّدة تتميز بمشاعر الخوف اللا مُبرّر، وغالبًا ما ينشأ تحسبًا للتهديدات المستقبلية، أو الشكوك، أو النتائج السلبية المحتملة. يمكن أن يكون القلق استجابة طبيعية للتوتر، ولكنّه يصبح مشكلة عندما يكون مفرطًا ومستمرًا ويتعارض مع الحياة اليومية. وعلى عكس التوتر، قد لا يكون للقلق محفز أو تهديد معين على الدوام، لكن يمكن اعتبار القلق تجليّا نفسيًا وعاطفيًا للتوتر.
عندما تستمر أو تشتد الضغوطات على المرء، فإنها قد تؤدي إلى حالة مزمنة من القلق. بما معناه أنه يمكن النظر إلى القلق على أنه نتيجة للتوتر المُطوّل أو المتواتر. ومع ذلك، من الأهمية بمكان فهم أنه ليس كل التوتر يؤدي إلى القلق، وليس كل القلق مرتبط بشكل مباشر بالتوتر.
يمكن أن يساهم الخوف في التوتر عن طريق تحفيز الاستجابة للضغوطات. عندما يواجه الفرد موقفًا مخيفًا، يتفاعل جسمه كما لو كان تحت التهديد، مما يؤدي إلى تنشيط الاستجابة للضغط وإطلاق هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي التوتر نفسه إلى الخوف أو الشعور بالارتباك. عندما يعاني الأفراد من مستويات عالية من التوتر المزمن، فإن قدرتهم على التعامل مع الضغوطات الإضافية قد تضعف أو تتدهور، مما قد يجعلهم أكثر عرضة للشعور بالخوف أو القلق عند الاستجابة للتحديات أو المطالب الجديدة.
أسباب الخوف والقلق
يمكن أن تكون أسباب الخوف والقلق معقدة ومختلفة. فيما يلي بعض العوامل الشائعة التي يمكن أن تسهم في تطور اضطرابات القلق:
- العوامل البيولوجية: يمكن أن تجعل بعض العوامل البيولوجية الأفراد عرضة للقلق. ويمكن أن تكون اضطرابات القلق وراثية ومنتشرة بين أفراد العائلة الواحدة. كما يمكن أن تلعب الاختلالات الكيميائية في الدماغ دورًا أيضًا، كعدم انتظام مستويات الناقلات العصبية مثل السيروتونين والدوبامين.
- العوامل البيئية: يمكن أن تزيد الأحداث السلبية أو التجارب المؤلمة، مثل الإساءة الجسدية أو العاطفية، أو فقدان شخص عزيز، أو التعرض إلى الحوادث أو الكوارث الطبيعية، من خطر الإصابة باضطرابات القلق. ويمكن أيضًا أن يساهم الإجهاد المزمن الناجم عن تحديات الحياة المستمرة، مثل صعوبات العمل أو العلاقات في تدهور الحالة.
- العوامل المعرفية: قد تنتج عن أنماط التفكير المشوهة والتحيزات المعرفية السلبية مستويات مفرطة من القلق. نذكر على سبيل المثال لا الحصر، التهويل (المبالغة في احتمالية أو تأثير الأحداث السلبية)، والتعميم المفرط (استخلاص استنتاجات سلبية واسعة بناءً على تجارب محدودة)، والنقد الذاتي المفرط، أو الشكوك والريبة.
- العوامل الاجتماعية: قد ترتبط العوامل الاجتماعية، مثل الافتقار إلى الدعم الاجتماعي أو المعاناة من العزلة الاجتماعية، باحتمالية تطوير أو مضاعفة اضطرابات القلق، لا سيما اضطراب القلق الاجتماعي، الذي ينطوي على تجنب المواقف الاجتماعية بسبب الخوف من الإحراج أو النقد السلبي.
- سمات شخصية: يمكن أن تجعل بعض السمات الشخصية أو الخصائص المزاجية الأفراد أكثر عرضة للإحساس بالخوف والقلق. على سبيل المثال، قد يكون الأفراد المهووسون بالكمال أو المفرطون في انتقاد أنفسهم أو المكثرون في التفكير أكثر عرضة للخوف والقلق من غيرهم.
- تجارب الطفولة: قد تؤثر تجارب الحياة في سنّ مبكر وطريقة التنشئة على احتمالية ظهور الخوف والقلق. يمكن أن تساهم عوامل مثل التعلّق غير الصحي أو حماية الأبوين المفرطة أو تعرض الوالدين إلى القلق في تطوير الطفل للخوف والقلق في وقت لاحق من الحياة.
- تعاطي المخدرات أو تركها: يمكن أن يؤدي تعاطي المخدرات مثل الكحول أو المخدرات أو الأدوية، أو مرحلة التعافي من إدمانها، إلى ظهور أعراض الخوف أو المساهمة في تطور اضطراب القلق.
- الحالات الطبية: يمكن أن تترافق بعض الحالات الطبية، مثل الأمراض المزمنة، والاختلالات الهرمونية (كاضطرابات الغدة الدرقية على سبيل المثا)، أو مشاكل القلب والأوعية الدموية، مع أعراض الخوف والقلق. بالإضافة إلى ذلك، قد يعاني المصابون بألم مزمن أو مشاكل صحية أخرى من القلق نتيجة حالتهم وربما الخوف من الوفاة.
قد تنشأ اضطرابات القلق من مجموعة من هذه العوامل، لكن ليس بالضرورة أن يكون لكل فرد نفس مجموعة الأسباب. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون تحديد السبب الدقيق للقلق أمرًا صعبًا في بعض الحالات.
أسباب التوتّر
قد ينبع التوتر من عوامل مختلفة، ويمكن أن تكون أسبابه متنوعة. فيما يلي بعض الأسباب الشائعة للتوتر:
- العمل والوظيفة: يمكن أن تساهم كثرة أعباء ومسؤوليات العمل، والمواعيد النهائية، وانعدام الأمن الوظيفي، والمشاكل مع الزملاء، وبيئات العمل المتطلبة أو غير المرضية، في التوتر فيما يتعلق بالعمل، حيث يشكّل الضغط لتحسين الأداء وتلبية التوقعات مصدرًا كبيرًا للتوتر.
- الدراسة: قد يتعرض الطلاب للإجهاد بسبب الضغوط الأكاديمية المفروضة عليهم، كالامتحانات، والواجبات المنزلية، وضرورة الحفاظ على درجات عالية، أو صعوبة التأقلم عند الانتقال إلى بيئة تعليمية جديدة.
- الأحداث الصادمة: يمكن أن يؤدي المرور بأحداث مؤلمة أو مشاهدتها، مثل الحوادث أو الكوارث الطبيعية أو العنف أو سوء المعاملة، إلى رد فعل حاد، قد يتبلور عنه التوتر.
- التحولات الحياتية: قد يكون للتغييرات الكبيرة في الحياة، مثل الانتقال إلى مدينة جديدة، أو الزواج، أو إنجاب طفل، أو فقدان شخص عزيز عليك أمرًا مرهقًا. ولو كانت التغييرات إيجابية، يمكن أن تحدث بدورها نوعا من الضغط وتشكل تحديات كبيرة.
- الضغوط المالية: قد تُشكّل المصاعب المالية، مثل الديون والبطالة أو الكفاح المستمر لتغطية نفقات العائلة، مصدرًا كبيرًا للتوتر. ويمكن أن يساهم الخوف والقلق بشأن الاستقرار المالي أو استيفاء الالتزامات المالية أو التخطيط للمستقبل في زيادة التوتر.
- توتر العلاقات: قد تنتج عن النزاعات، أو الخلافات، أو العلاقات المتوترة مع أفراد الأسرة أو الشركاء أو الأصدقاء أو الزملاء ضغوط كبيرة. يمكن أن يكون للأزمات في العلاقات، بما في ذلك الطلاق أو الانفصال أو العزلة الاجتماعية، تأثير عميق على رفاهية المرء.
- المشاكل الصحية: يمكن أن يخلق التعامل مع المرض المزمن، والتكيف مع الإعاقة، أو التعامل مع مشاكل صحية كبيرة سواء لديك أو لأحبائك ضغوطًا كبيرة. وقد تزيد حالة عدم اليقين، وتغير نمط الحياة، والتبعات العاطفية للمشكلات الصحية من التوتر عامة.
- المتاعب اليومية: قد يؤدي تراكم الضغوطات اليومية، مثل الازدحام المروري، والالتزام بالمواعيد، والأعمال المنزلية، أو إدارة المسؤوليات المتعددة، إلى حدوث إجهاد وتوتر مزمن.
- التطلعات الشخصية: إن وضع توقعات عالية بشكل مفرط، أو السعي لتحقيق الكمال، أو فرض ضغوط على الذات للوفاء بمعايير معينة، من شأنه أن يساهم في التوتر، حيث يمكن أن يصبح الخوف من الفشل أو عدم تلبية التوقعات مصدر ضغط كبير.
- العوامل البيئية: يمكن أن تساهم عوامل محيطة مثل الضوضاء، والتلوث، والاكتظاظ، أو ظروف المعيشة الفوضوية، في زيادة مستويات التوتر.
- العوامل الثقافية والمجتمعية: قد تتحول الضغوط المجتمعية أو التوقعات الثقافية أو التمييز أو الاضطرابات المجتمعية بسهولة إلى مصادر للتوتر، لا سيما عندما تؤثر على شعور الفرد بالحرية أو الانتماء أو الأمان.
لا بد من إدراك أن التوتر هو أمر شخصي ويخص صاحبه، وما قد يكون مزعجا لأحدهم قد لا يكون كذلك لآخر. علاوة على ذلك، قد يتعرض الفرد للتوتر نتيجة لتراكم أكثر من عامل واحد أو اثنين.
أعراض الخوف والقلق
يمكن أن يظهر الخوف والقلق بطرق مختلفة، وقد تأتي هذه الأعراض متفرّقة أو مجتمعة حسب الظروف. وفيما يلي أكثر هذه الأعراض شيوعًا:
- الخوف المفرط واللا مُبرّر: التخوف المستمر والمتواتر من مجموعة واسعة من الأنشطة اليومية، إضافة إلى توقع الأسوأ.
- القلق: الشعور بالضيق، أو الحساسية، والإحساس بالتوتر، وصعوبة الاسترخاء.
- التعب: الشعور بالإرهاق حتى مع الحصول على الراحة الكافية، حيث يمكن أن يكون الخوف والقلق مستنزفين للعقل والجسد.
- صعوبة التركيز: العجز عن التركيز أو الاستمرار في أداء نشاط ما بسبب الأفكار السلبية أو المخاوف المتولدة من العدم.
- الهياج العصبي: الشعور بالهياج العصبي بسهولة أو عندما يصبح المزاج أكثر عصبية من المعتاد، ويتفاعل بشدة مع المُهيجات أو الاستفزازات البسيطة.
- نوبات الهلع: نوبات شديدة من الخوف أو الانزعاج المفاجئ والشديد، وغالبًا ما تكون مصحوبة بأعراض جسدية مثل آلام في الصدر وضيق في التنفس والارتجاف اللاإرادي.
- سلوك التجنب: الانخراط في سلوكيات تجنبية للهروب أو التقليل من المواقف التي تثير القلق. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تجنب أماكن أو أنشطة أو تفاعلات اجتماعية معينة.
- توتر العضلات: المعاناة من ضيق أو تصلّب في العضلات، مما قد يؤدي إلى انعدام بالراحة أو الإحساس بالصداع و/ أو بآلام في الجسم.
- مشاكل النوم: الأرق، أو مواجهة صعوبة في البقاء نائماً، أو اضطراب في النوم بسبب الأفكار المقلقة أو الخوف المتزايد.
- تغيرات الشهية: قد يؤثر الخوف والقلق على الشهية؛ مثل فقدانها تمامًا أو العكس في بعض الحالات، مثل زيادة الرغبة الشديدة والأكل العاطفي.
- اضطرابات الجهاز الهضمي: يمكن أن يظهر القلق على شكل مشاكل في الجهاز الهضمي مثل آلام المعدة، والغثيان، وعسر الهضم، والإسهال، أو متلازمة القولون العصبي.
- تسارع ضربات القلب: المعاناة من خفقان القلب المفرط، أو الإحساس برجفة في القلب. هذا من شأنه أن يساهم في انعدام الارتياح أو الشعور بالهلاك الوشيك.
- ضيق التنفس: الشعور بضيق أو صعوبة في التنفس أو التنفس بسرعة شديدة.
- التعرّق: المعاناة من التعرق المفرط، والذي لا علاقة له بممارسة أنشطة تتطلب مجهودًا بدنيًا أو التواجد في بيئة حارة.
- الدوخة أو الدوار: الشعور بالدوار، أو بلحظات من التوهان أو فقدان التوازن.
من المؤكّد أن تجربة القلق تختلف من شخص لآخر، وليس من الضروري أن تظهر كل هذه الأعراض معًا عند جميع الأفراد. إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه تعاني من ضائقة أو ضعف شديد بسبب أعراض القلق، فمن المستحسن طلب الدعم من دكتور نفسي من أجل التشخيص الدقيق والعلاج المناسب.
علاج الخوف والقلق
إن التغلّب على الخوف يستلزم وقتًا وجهدًا ومجموعة من الاستراتيجيات. وفي حين أنه قد لا يكون من الممكن القضاء على الخوف تمامًا، فمن الممكن التحكم فيه وتقليل تأثيره على حياتك. فيما يلي بعض الأساليب التي يمكن أن تساعد في التغلب على الخوف:
- إفهم خوفك: ابدأ بتحديد وفهم ما يثير خوفك بالضبط. حاول استكشاف الأسباب الجذرية والمعتقدات الأساسية والأفكار المرتبطة بخوفك. وكذلك اعترف لنفسك بأن الخوف شعور طبيعي وأنه من الممكن التغلب عليه.
- تصور النجاح: حاول تخيل نفسك وأنت تواجه مخاوفك وتتغلب عليها بنجاح. يمكن أن يساعد تخيل النتائج الإيجابية في بناء الثقة بالنفس وتقليل الخوف والقلق.
- ضع أهدافًا واقعية: ضع أهدافًا صغيرة لكن متدرجة وقابلة للتحقيق، تعرضك نسبيًا لمصدر خوفك وتخرجك من منطقة راحتك. واحتفل بكل حدث هام واعترف بأي تقدم أحرزته، مهما كان صغيراً.
- أعدّ هيكلة معارفك: حدد وتحدى الأفكار السلبية أو غير المنطقية التي تساهم في خوفك. ثم حاول استبدالها بأفكار أكثر منطقية وإيجابية. ركز على الأدلة التي تتعارض مع خوفك وطوّر نظرة أكثر عقلانية.
- ثقّف نفسك: يمكن أن تساعد معرفة المزيد حول مصدر مخاوفك في إزالة الغموض حوله وإنشاء منظور أكثر واقعية. قد يؤدي فهم الموضوع أكثر إلى زيادة فهمك وتقليل إحساسك بعدم اليقين وتحدي المعتقدات أو الافتراضات غير العقلانية.
- التعرّض التدريجي: كما ذكر سابقا، ينطوي التعرض التدريجي والمنتظم على الاحتكاك بشكل تدريجي ومتكرر بمصادر خوفك، وذلك بطريقة مضبوطة ومحددة. ابدأ بخطوات صغيرة وزد مستوى التعرض تدريجيًا كلما أصبحت أكثر راحة وثقة بنفسك.
- الرعاية الذاتية: أعط الأولوية للرعاية الذاتية لتعزيز رفاهيتك العامة. انخرط في الأنشطة التي تجلب لك السعادة والارتياح. اعتن بصحتك الجسدية عبر ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والحصول على قسط من النوم، واتباع نظام غذائي متوازن، حيث يمكن أن تؤثر هذه العوامل على صحتك النفسية.
- تقنيات الاسترخاء: مارس تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، ومد العضلات، والتأمل. يمكن أن تساعدك هذه الأساليب على تقليل الأعراض الجسدية للخوف وتحفيز الشعور بالهدوء والاسترخاء.
- الصبر والمثابرة: يتطلب التغلب على الخوف وقتا وصبرًا، فكن لطيفًا مع نفسك طيلة هذه العملية واعترف بإمكانية حدوث انتكاسات. استمرّ في المثابرة والالتزام بهدفك المتمثل في إدارة وتقليل خوفك.
- اطلب الدعم: شارك مخاوفك مع الأصدقاء الموثوق بهم أو أفراد الأسرة أو أخصائي في الصحة النفسية. قد يمنحك التحدث عن مخاوفك دعمًا عاطفيًا ومنظورًا مختلفا وتوجيهًا يساعدك على التأقلم.
وبينما لا يمكن "علاج" القلق بأتمّ معنى للكلمة، أي يستحيل ضمان عدم الإحساس به مرة أخرى مطلقًا، يمكن التحكم فيه وتقليل تأثيره على الحياة اليومية. غالبًا ما يتضمن علاج القلق استراتيجيات تعالج الأسباب الكامنة وتخلق آليات للتكيف. فيما يلي بعض الأساليب التي يمكن أن تساعد في إدارة القلق:
- العلاج النفسي: العلاج المعرفي السلوكي (CBT) هو علاج فعّال ومعروف على نطاق واسع للقلق. وهو يركز على تحديد وتعديل الأفكار والمعتقدات والسلوكيات المرتبطة بالقلق، بشكل يمكن أن يساعدك على تطوير مهارات التأقلم وتحدي الأفكار غير المنطقية ومواجهة مصادر خوفك تدريجيًا.
- الأدوية: في بعض الحالات، يمكن وصف العقاقير للسيطرة على أعراض القلق. وقد ينصح أخصائي الرعاية الصحية بمضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للقلق. لكن من المهم استشارة طبيب نفسي يمكنه تقييم حالتك الخاصة وتقديم التوجيه المناسب قبل تناول أي دواء.
- تغيير نمط الحياة: حوّل تركيزك نحو خيارات نمط الحياة الصحية التي تدعم رفاهيتك، كالحفاظ على نظام غذائي متوازن، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والحد من تناول الكافيين والكحول.
- اليقظة والقبول: مارس أساليب التأمل الواعي للبقاء حاضرًا ومدركًا لأفكارك وعواطفك دون إصدار أحكام. يمكن أن يساعد قبول القلق كتجربة إنسانية طبيعية في تقليل محاربتك له، مما يسمح لك بالاستجابة بشكل أكثر فعالية.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: مارس التمارين الرياضية بانتظام لأنها يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض القلق. تُطلق التمارين الرياضية هرمون الإندورفين، وهو من العوامل الطبيعية المعززة للمزاج. ضع في اعتبارك ممارسة التمارين متوسطة الشدّة لمدة 30 دقيقة على الأقل في معظم أيام الأسبوع.
- إدارة التوتر: طبق تقنيات إدارة التوتر لتقليل مستويات الإجهاد العام. قد يشمل ذلك إدارة الوقت وتحديد الأولويات ووضع الحدود وممارسة الرعاية الذاتية. يمكن أن تساعد الإدارة الفعّالة للتوتر في منع تفاقم القلق.
- شبكة الدعم: اخلق شبكة دعم متكونة من أفراد أسرتك الموثوق بهم أو أصدقائك. قد يوفر التحدث عن قلقك مع شخص متفهم الحصول على التعاطف والمشورة العملية. أيضًا فكّر في طلب الدعم المهني من معالج متخصص في اضطرابات القلق.
ومن المهم تذكّر أن تجربة كل شخص مع الخوف والقلق فريدة من نوعها، ولا يوجد نهج علاج واحد يناسب الجميع. لذلك نوصي قراءنا بالعمل مع أخصائي الصحة النفسية الذي يمكنه تقديم التوجيه والدعم الشخصي ويستطيع المساعدة في تصميم خطة علاج تتناسب مع احتياجاتك وظروفك الخاصة.
في الختام، ينبغي تذكر أن الخوف والقلق هما جزء من النطاق الطبيعي للعواطف البشرية ويمكن أن يعودا على المرء بالفائدة. كذلك التوتر، بنسب معقولة وفي محلها، قد لا يكون أمرا سيئًا. لكن عندما تكثر الضغوط والمخاوف، وتصبح هذه المشاعر مفرطة أو مستمرة أو معرقلة للأداء اليومي، فقد يكون من الضروري طلب الدعم.
إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه يعاني من خوف غير مبرر أو أعراض قلق شديدة أو توتر فوق المعتاد، فمن المستحسن استشارة أخصائي الصحة النفسية الذي يمكنه إجراء تقييم شامل وتقديم التشخيص المناسب وخيارات العلاج التي تتناسب مع الحالة.