الإحتراق النفسي هو عرض طويل المدى يرتبط حدوثه بالضغوط النفسية وبمصادر وعوامل أخرى، وبذلك فإن الضغط النفسي یكون سبباً فـي الإحتـراق النفسـي، إذا مـا اسـتمر ولـم يستطع الفرد التغلب عليه.
الإحتراق النفسي هـو متلازمـة مرضیة تستنزف فيهـا الطاقـة النفسـیة والعقلیـة والعضـویة لدى الفرد، وذلك ناتج عـن صـراعات داخلیـة وظـروف مهنیـة يعجـز الفرد عـن حلهـا بإسلوب سـوي. ينعكس الاحتراق النفسي على الشخص بثلاثة أشكال:
- إجهاد إنفعالي
- تبلد المشاعر
- نقـص الإنجـاز الشخصي
ما هي أعراض الاحتراق النفسي؟
علـى الـرغم مـن أن التعـب أو التـوتر قـد یشـكل الـعلامـات الأولـى للاحتراق النفسي، إلا أن ذلك ليس كافیـاً للدلالـة علیـه خاصـة إذا كانـت قصـیرة الأمـد، فـالإحتراق النفسـي یتصـف بحالـة من الثبات النسبي فیما یتعلق بالتغيرات السلبیة:
- كفقدان الاهتمـام بالعمـل،
- السـخریة مـن الآخـرین،
- الكآبة،
- الشك في قیمة الحیاة والعلاقات الاجتماعیة،
- بالإضـافة إلـى الشـعور بـالعجز وسـوء تقـدیر الـذات.
يمكن أن يكون هناك بعض الصفات الشخصية التي قد تسهم في زيادة الاحتراق النفسي مثل: الميول إلى الكمالية، أي بمعنى السعي الدائم إلى الكمال دون الاكتراث لفكرة أن الخطأ طبيعي ووارد، وأن الكمال فكرة مثالية غير واقعية وأي محاولة للسعي لتطبيقها، هي محاولة لتعريض أنفسنا للاحتراق النفسي. كما أن النظرة التشاؤمية إلى الذات وإلى العالم.
كفيلة أن تحبط من عزيمتنا، علينا أن نتذكر أنه مهما كانت الظروف صعبة، لابد وأن يكون هناك فسحة من الأمل تمكنا من الخوض في معارك الحياة، إذا نسينا ذلك وحصرنا أنفسنا في إطار "القادم أسوأ" هذا سيزيد من احتراقنا النفسي. كما يعد من لديه الرغبة في السيطرة على كل شيء ويتردد في تفويض الآخرين، ويسعى دائما إلى انتزاع تحقيق الإنجاز لوحده من الأشخاص الذين يسهمون في زيادة الاحتراق النفسي لديهم.
كيف تتجنب الإصابة بالاحتراق النفسي؟
- يمكن للموظف عند شعوره بأعراض الاحتراق النفسي أن يعيد تنظيم أوقات يومه.
- الإكثار من ممارسة الرياضة إذ يعمل ذلك على الحد من الشعور بالضغط العصبي.
- يمكن للفرد أن يحاول إكتشاف الأشياء التي تتسبب له الشعور بالضغط العصبي في العمل من الأساس.
أنواع الإحتراق النفسي
يتخذ الإحتراق النفسي عدة أشكال وأنواع منها:
1- الإحتراق النفسي المرتبط بإهمال العمل:
يحدث هذا النوع من الإحتراق النفسي عندما يكون العمل هو السبب الرئيسي للتوتر المُستمر والضغط الشديد على الفرد و غالبًا يحدث عندما يتحمل الأشخاص الضغوط الوظيفية الكبيرة، فعندها يشعرون بالعجز خصوصًا لو كانت الأمور لا تسير على ما يُرام، فقد تعتقد أنك غير كفء أو غير قادر على مواكبة مسؤولياتك مما يُضغف الإنتاجية. هُنا يشعر الأفراد بالإرهاق البدني والذهني و يصاحب هذا النوع من الإحتراق النفسي الشعور بعدم الرضا أو الإحباط.
2- الإحتراق النفسي العاطفي:
الإحتراق النفسي العاطفي من الأنواع الشائعة ما بين العاملين في مجال الرعاية الإجتماعية والصحية مثل الأطباء والممرضين، والمعالجين النفسيين حيثُ أنهم يتعاملون مع الحالات الصعبة الشيء الذي يؤدي إلى استنزاف العواطف لديهم بشكل زائد مما يؤثر على صحتهم النفسية.
كما أن الإحتراق النفسي هُنا هو حالة من الشعور بالإرهاق العاطفي و الاستنزاف حيثُ يشعر الفرد بأنه لا يملك أي سلطة أو سيطرة على ما يحدث في الحياة، ويجد نفسه عالق في نقطة ما، وقد يؤدي الإحتراق النفسي العاطفي إلى نقص في الطاقة و انعدام الشغف مع مرور الوقت يمكن أن تتسبب في التأثير على الصحة النفسية للفرد.
3- الإحتراق النفسي الجسدي:
الإحتراق النفسي الجسدي يحدث عندما يتعرض الشخص لضغوط طويلة الأمد و تشعر هنا بالضغط المُستمر عليك نتيجة المجهود البدني الكبير الذي تقوم به، أو نتيجة معاناتك من الأرق أو اضطرابات النوم، ويؤدي إلى الإحتراق النفسي الجسدي إلى التأثير على التركيز والقدرة على التفكير، ويؤدي أيضًا إلى انخفاض القدرة على أداء المهام اليومية مما يقلل من الإنتاجية للفرد.
أعراض الإحتراق النفسي الجسدي
- مشاكل الجهاز الهضمي
- ارتفاع ضغط الدم
- ضعف المناعة (الإصابة بالمرض بشكل متكرر)
- الصداع المتكرر
- مشاكل النوم
4. الاحتراق النفسي الاجتماعي:
يحدث الإحتراق النفسي الإجتماعي عندما تتواصل إجتماعيًا مع المجتمع أو البيئة المحيطة إلى الحد الذي لا يُمكنك معه الإستمرار، مما يجعل الفرد يشعر بالضغط من العلاقات الإجتماعية و يشعرون بالتوتر والتعب و نوبة القلق بعد قضاء الكثير من الوقت مع الآخرين.
5- الإحتراق النفسي الفكري:
يصيب هذا النوع الأشخاص الذين يعتمدون بشكل كبير على العمل الفكري أو الإبداعي، فالتعرض المستمر للتفكير العميق أو الضغوط الإبداعية يمكن أن يؤدي إلى استنزاف الأفكار والشعور بعدم القدرة على الإبداع، و فقدان الشغف، وغالبًا ما لا يرى الأشخاص الذين يتعرضون إلى الإحتراق النفسي الفكري أي أمل في حدوث تغيير و يشعرون بأنهم يغرقون بالمسؤوليات.
أسباب الإحتراق النفسي
تختلف أسباب الإحتراق النفسي حسب بيئة العمل والحياة الشخصية للأفراد، لكن هُناك عدد من العوامل الأساسية المُشتركة التي تؤدي إلى الإحتراق النفسي مما يؤثر على الصحة النفسية للفرد، فما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإحتراق النفسي؟
أولاً: الضغوط المهنية الزائدة:
تُعتبر بيئة العمل من البيئات التي تؤثر على حياة الفرد وصحته النفسية، فعندما تكون هذه البيئة سامة و تعمل تحت الضغط الشديد، ويتوقع من الموظف إنجاز كمية كبيرة من العمل في وقت قصير، يُشعر الفرد بالإرهاق وفقدان القدرة على التركيز مما يُقلل الإنتاجية ويزيد من مشاعر الإحباط و القلق المُستمر.
ثانيًا: قلة التوازن بين الحياة المهنية والشخصية:
عندما يفقد الفرد التوازن ما بين حياته الشخصية والمهنية، خصوصًا عند وجود الضغط الكبير عليه في العمل و لا تتوفر فترة راحة كافية من المهام، وفي نفس الوقت مطلوب منه التزامات اجتماعية كبيرة تجاه الأسرة والأصدقاء، لكن لا يجد الوقت لذلك مما يجعله يشعر بالاستنزاف وفقدان الشعور بالراحة مما يساهم بشكل كبير في تعرضه إلى الإحتراق النفسي.
ثالثًا: الافتقار إلى السيطرة:
عندما يشعر الفرد بأن أغلبية زمام الأمور تذهب من بين يديه، سواء في الحياة الشخصية أو العملية، ولا يكون له القدرة على اتخاذ أي قرار سواء في المنزل أو العمل، الأمر الذي يؤدي إلى شعوره بقلة تقدير الذات من نفسه ومن الأخرين، مما يمنعه عن الاستمرار بالتدخل في الأمور الهامة التي تتطلب وجوده في المنزل أو العمل.
رابعًا: العمل مع مدير صعب:
قد تجد نفسك ضمن الإحتراق النفسي في العمل بسبب عملك مع مدير صعب لا يتقبل الآراء المُختلفة، و لا يُمكن الحديث معه حول مهامك الصعبة التي تتطلب وقت إضافي، و في نفس الوقت يحدث الإحتراق النفسي بسببه عندما يفرض عليك المدير توقعات عالية سواء في الأداء والإنجاز، فعندما تعجز عن تحقيق ذلك فإنك تشعر بالإحباط والفشل الشديد مما يؤثر سلبًا على الحالة النفسية.
خامسًا: المعاملة الغير عادلة:
عندما يتعامل الفرد بأسلوب وشكل مُختلف عن أقرانه سواء في المنزل أو المدرسة أو العمل، ويشعر بعدم العدل مع الآخرين، الأمر الذي يُؤدي إلى شعوره بالضغط و المشاعر السلبية الشديدة مما يؤدي إلى تعرضه إلى الإحتراق النفسي، هنا لا يرغب الفرد بأداء عمله بشكلٍ احترافي و لا يُريد أن يسمع كلام والديه نتيجة هذه المعاملة.
سادسًا: عدم التقدير من الآخرين:
يعاني العديد من الأشخاص من الضغوط الكبيرة نتيجة غياب التقدير اللفظي أو المادي سواء داخل المنزل أو في العمل حيثُ أن التقدير والتعزيز من أساسيات الإقبال على المهام اليومية بكل نشاط، فعندما يشعر الفرد بأنه تم تجاهله أو أنه يقوم بالمهام دون هدف، يشعر بالعزلة ويساهم ذلك في تعرضه إلى الإحتراق النفسي و تتدهور صحته النفسية.
استراتيجيات للتعامل مع الإحتراق النفسي
- حدد أولوياتك في الحياة: أول استراتيجية يجب عليك اتباعها والتي تُعتبر الأساس لصحتك النفسية هو أن تُحدد أولوياتك في الحياة والعمل، و أن تتدرب على قول لا للآخرين تبعًا للمهام و للمسؤوليات الشخصية واليومية، فنفسك أولاً.
- ضع قائمة امتنان لنفسك: عندما تشعر بأنك تتعرض للضغوط الشديدة وأنك تتجه إلى الإحتراق النفسي، حول تركيزك إلى ما هو إيجابي في حياتك العملية وخفف التوتر عن نفسك.
- اطلب الدعم والمساعدة المهنية: لا يوجد خجل أو إحراج من طلب الدعم من الأخصائيين النفسيين المهنيين لإيجاد الحلول لحالتك النفسية من خلال طلب خدمة الاستشارة النفسية في حاكيني، مما يُساعدك في التغلب على التحديات التي تواجهك سواء في العمل أو في الحياة.
- مارس الرياضة: تُساعد التمارين الرياضية على تحسين مزاجك، حيثُ أن ممارستك للرياضة لمدة 30 دقيقة يوميًا، يُمكن أن يعدل مزاجك ويجعل توتر وضغط الشديد يقل إلى معدلات طبيعية مما ينقذك من الإحتراق النفسي
- تناول الطعام الصحي: تجنب تناول الأطعمة الغنية بالسكر والكربوهيدرات التي قد تؤدي إلى انخفاض الطاقة والمزاج، وتجنب الكافيين والنيكوتين حيثُ أنهما منبهان يمكن أن يؤثرا على مزاجك بشكلٍ كبير.
- وازن ما بين العمل والحياة الشخصية: من المهم أن تتدرب على أن يكون كل شيء في مكانه، فلا تأخذ مهام العمل معك على المنزل، ولا تجعل المشاكل الأُسرية تؤثر على عملك مما يُساعدك كثيرًا على التخلص من أي ضغوطات وعدم الذهاب نحو الإحتراق النفسي
- الإنضمام إلى برامج المساعدة الذاتية في حاكيني: إذا كنت غير جاهز بعد إلى الإنضمام إلى جلسات استشارة نفسية أو أن تتواصل مع معالج نفسي، يُمكنك الإعتماد على نفسك والتوجه إلى برامج المساعدة الذاتية التي تُهيئ لك التخلص من التوتر و تُساعدك على التركيز على المهام اليومية مثل: برنامج ظروف بيئة العمل أو برنامج تأملات لتحسين التركيز.
- خذ إجازة: عندما تشعر بأن حجم التوتر والضغط شديد عليك، اترك كل المهام اليومية والمسؤوليات في العمل وخذ إجازة في سبيل تحسين صحتك النفسية.
- شارك اجتماعيًا: تحدث مع زملائك حول ما تشعر به من أعراض الإحتراق النفسي أو تناول الغداء معهم، وتجنب العلاقات السامة أو التفاعل مع الأشخاص السلبيين، و قم بالتحدث إلى الأشخاص الذين لديهم روح إيجابية وتفاؤل تجاه الأمور المُختلفة، وتحدث إلى الأشخاص الذين يستمتعون بنفس الهوايات والأنشطة التي تستمتع بها.
- تحدث إلى قسم الموارد البشرية: عندما تواجه الإحتراق النفسي في العمل يُمنكك التوجه إلى قسم الموارد البشرية والتحدث بشأن المشاكل التي تواجهك حيثُ يكون ذلك مُفيدًا عندما تُريد الشركة أن تخلق بيئة عمل صحية وتهتم بمجال الصحة النفسية ولا ترغب بأن يتعرض موظفيها إلى الاحتراق الوظيفي، فيمكن للشركة أن تُغير منصبك و تبدل مهامك بشكل يؤدي إلى زيادة إنتاجيتك و إنقاذك من التدهور النفسي.
إذن فالاحتراق النفسي هو عملية تدريجية تحدث على مدى فترة طويلة من الزمن، لا بين عشية وضحاها، ولكنها قابلة للتطور عند الأشخاص الذين لا يولون اهتماماً لإشارات التحذير، فبالرغم من أن علامات الإرهاق تكون خفيفة في البداية، إلا أنها تزداد سوءاً مع مرور الوقت.
يجب على الفرد ألا يكون متاحاً لمديره وزملائه في العمل طوال الوقت بعد إنتهاء الدوام أو في العطلات والإجازات، حتى يتسنى له الحصول على قدر من الراحة يساعده على تصفية ذهنه وتجديد نشاطه. ببساطة يجب على كل منا العمل على إحداث توازن بين الحياة العملية والشخصية.
للتعرف أكثر على موضوع الإحتراق النفسي حمل تطبيق الصحة النفسية من حاكيني على الجوجل بلاي والاب ستور، وقم بتسجيل في موقع حاكيني للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية.