تغيير الاخرين : لا يمكن تغيير الاخرين ، ركز باختياراتك انت !

ملخص المقالة

23/05/2022
main-image

دعونا نتحدث اليوم عن التعامل مع الذات كشيء، ونسيان أن الإنسان يمتلك عقل، إرادة، رغبات، ويمتلك سيادة على نفسه. في هذا المقال سنتحدث عن موضوع تغيير الاخرين، هل هو ممكن؟ ام من الافضل لنا ان نركز في خياراتنا نحن؟

الكثير من الناس يتوجهون للعلاج النفسي لأنهم يعانون من مشاكل القلق والاكتئاب، وقسم كبير من هؤلاء الناس ينسبون مشكلتهم إلى الظروف المحيطة بهم (الظروف الأسرية، العمل، المجتمع او الاخرين بشكل عام)، كما ينتظر الناس من الاخرين أن يتغيروا، يحاولون بعدة طرق على مدار سنوات إقناع الاخر أن يتغير لكي يرتاح، انشغال الناس في تغيير الآخرين هي صفة من صفات المجتمع العربي، لأنه يعتبر الآخر شيء أساسي ويتعامل معه كسلطة، وطالما هو سلطة يعني أنه يمتلك سيادة عليه، وهذه واحده من الأخطاء الشائعة في مجتمعنا، لأنه لا أحد يملك سيادة على الاخر، وكل شخص هو سيد نفسه. عندما نكون في ظرف صعب (أسري، عمل، اجتماعي) يجب أن نقرأه  قراءة صحيحة، ونرى الاحداث وكيف الاخر يتعامل ونقيم موقفه وطريقة تعامله، لكن هذا لا يكفي، الأهم من هذا يجب أن نعلم ماذا نفعل أمام الآخر، فالانشغال في تغيير الآخرين، هو محاولة للعب في ملعبهم، وفي معظم الحالات كل محاولات تغيير الآخرين او الاخر تبوء بالفشل، وبذلك ندخل في حالة اكتئاب وقلق، وفي هذه الحالة سوف نشعر بالعجز.

بدلاُ من الانشغال في محاولة تغيير الآخرين، يجب أن نسأل أنفسنا ماذا يمكن أن نفعل في هذا الظرف؟

علما بأن الظروف لا تعد فاعلا للضغط النفسي بل نحن، تفكيرنا وقراراتنا هي الفاعل الأساسي لها. ومثال على ذلك، فقدان الإنسان لمصدر رزقه هو ظرف صعب، لكن هنالك من ينتهز الفرصة لكي يطور من نفسه ويبدء في شيء جديد، وهناك من يدخل في حالة يأس واكتئاب ويتعامل مع نفسه كضحية عاجزة، التعامل مع النفس كضحية عاجزة هي إساءة للنفس أولا، إذ لا يوجد شخص عاجز، وكذلك الأمر للسجين، فالسجن وهو أكثر مكان يشعر فيه الإنسان بالعجز كونه مراقب من السجانين، ومحكوم عليه حكم وموجود بين أربعة جدران، لكن مع كل هذا نجد أن السجناء يختارون خيارات مختلفة، فهناك من يتوددون إلى السجان لكي يحصلوا على مكاسب معينة، وهناك قسم آخر يقرروا أن يتعلموا ويحصلون على درجات علمية معينة، كما نجد بينهم من يتحول إلى التدين واخر يذهب إلى النقيض أي الكفر، هنالك قسم يخطط للهرب، وقسم منهم يقرر الانتحار. وهذا جزء من الاختيارات الموجودة أمام أي سجين، فحتى في داخل السجن هناك اختيارات.

الناس خارج السجون يملكون  إمكانيات اختيار متعددة جداً، لكن لكل خيار هنالك ثمن، فيبقى السؤال، هل سنتخذ خطوة معينة لها ثمن، أم سنبقى في المكان الذي نحن فيه؟

كل شخص يجب أن يسأل نفسه ماذا يفعل أمام الظروف، وهذا أهم سؤال، وسوف نجد العديد من البدائل والاختيارات لهذا السؤال. مثال اخر لردود الفعل المختلفة أمام نفس الظرف، الدعوى لحضور عرس، شخص تصله الدعوة لحضور عرس يتعامل معها بشكل مفرح، لأنه سوف يلتقي مع أصدقائه يسمع موسيقى، وشخص اخر يعتبرها كهم وكمصدر قلق في نفس الظرف، ردود الفعل مختلفة لأن الناس لديهم عقول مختلفة، طريقة فهم مختلفة وطريقة مواجهة مختلفة، هذه الفوارق المختلفة يجب أن تذكرنا دائما أننا نملك الخيار في كل ظرف.

العديد من الأشخاص يتعاملون مع أنفسهم على أنهم ثابتين (جماد)

كل شخص منا يستطيع أن يتغير لأنه يملك إمكانية إعادة النظر، واتخاذ قرار جديد، خوض تجربة جديدة، لأنه ليس جماد بل كائن حي يتطور. دائما يجب أن نسأل أنفسنا هل أريد أن أتغير وأسير في طريق جديد أم أستمر فيما أنا عليه؟ يجب أن نسأل أنفسنا خاصة عند الوصول إلى طريق مسدود ونحن نتبع ذات الأساليب، يجب أن نسأل أنفسنا هل يمكن أن نعيد النظر في طرق المواجهة التي نتبعها أيضا؟ في كثير من الحالات عندما يسأل الإنسان  نفسه ماذا يمكن أن أفعل؟ سوف يجد المزيد من الحلول والبدائل، وعندما يرى النتائج سوف يختار الشيء المناسب له.

لا يوجد ما هو صحيح وما هو خاطئ، بل يجب أن تسأل نفسك ماذا سوف تفعل أمام هذه الظروف؟ 

الناس الذين ينسبون بؤسهم للظروف، يعرضون أنفسهم ليكونوا ضحية مستمرة مدى الحياة، فهم لا يحترمون إرادتهم، أي لم يستعملوا تفكيرهم، ولم يعملوا من أجل مصلحتهم وقراراتهم، ويتوقعون من الآخرين أن يعملوا مكانهم، لكن الاخر يكون مشغول في نفسه على الأغلب، لذلك من حقك أن تهتم في نفسك وماذا تريد وتتخذ قرارتك، وتعيد النظر في طرق المواجهة الخاصة بك قبل أن تطلب من الناس الاهتمام لحاجاتك ومشاعرك.

الأمر الاخر الغريب أن هؤلاء الناس يبذلون جهدا كبيرا في التفكير واتخاذ إجراءات حتى يغيروا من الآخر وهذا شيء عقيم، فلا يمكن تغيير الاَخرين او الاخر، إلا إذا أراد هو أن يغير نفسه، الخروج لتغيير الآخرين هو الخروج لملعبهم، وسوف ينتهي بك الأمر في عجز وضغط نفسي. لذلك بدلا من الخروج من ملعب الآخر، إبقى في ملعبك وفكر في اختياراتك وبدائلك وإمكانياتك، واختار البديل الذي يناسبك، وبذلك تستعيد سيادتك على نفسك وتحقق إمكانية أكبر من السعادة وتحقيق الذات.

تمت كتابة المقال بواسطة

مع خبرة واسعة، بروفيسور مروان دويري يجمع بين المعرفة والاهتمام ليقدم لك الدعم الذي تحتاجه في رحلتك نحو الصحة النفسية.

مشاركة المقالة

تطبيق حاكيني

يمكنك الوصول بسهولة إلى خدماتنا من خلال تطبيق حاكيني للهاتف المحمول. استمتع بوصول غير محدود إلى البرامج والدورات والتمارين المسجلة مسبقًا والتواصل السلس مع المستشار الخاص بك.

app-store google-play

جلسات استشارة نفسية أونلاين، مع أمهر الاخصائيين النفسيين

screenshot screenshot

جرب برامج المساعدة الذاتية، والتي تحتوي على كورسات تأمل ويقظة ذهنية، تمارين عملية لتعزيز صحتك النفسية، بالاضافة لمعلومات عن الاضطرابات النفسية والشخصية

screenshot screenshot
app-store google-play

قد يعجبك أيضًا

إدمان الانترنت - هل الإدمان الإلكتروني هو إدمان حقا ؟
د. سماح جبر
دكتورة الطب النفسي الكثير يبحث عنها ! فماذا تعني؟
فريق حاكيني
كيف أتجاوز الآثار النفسية للخيانة الزوجية ؟
أ. زهراء الموسوي

انضم إلى قائمتنا البريدية

انضم إلى النشرة الإخبارية واحصل على آخر المقالات في حاكیني ثقافة