في ظل الأوضاع التي تمر بها فلسطيننا الحبيبة، وخاصة غزة التي تقبع تحت سياط القصف من الاحتلال، يكون الأطفال الخاصرة الأضعف من نسيج المجتمع، فبالرغم من أن جميع شرائح المجتمع تتأثر سلبا بالقصف كما تتزلزل أركان البيت المقصوف إلا أن الأطفال بقلوبهم الصغيرة وهشاشتهم الكبيرة وعدم اكتمال تكوينهم العصبي يتأثرون بدرجة أكبر بتلك الأحداث الصادمة. فكيف يتصرف الوالدان في هذه الظروف، وهل هناك من وسيلة لتخفيف الأثر السلبي على الأطفال، أو دعم حصانتهم النفسية؟
سنورد تاليا بعض النقاط التي من الممكن – بعد حفظ الله- أن تساعد في هذا الاتجاه:
- ابدأ بنفسك: حاول إيجاد مهارات للتكيف الصحي لك أولا، حيث تشير الأبحاث أن أفضل مؤشر على أن الطفل سيتعامل مع الصدمة بنجاح هو قدرة والديه على التكيف.
- اقض الوقت في التحدث مع أطفالك: من الضروري أن يشعر الأطفال أنك متاح حين يكونون مستعدين للحديث، دعهم يعبرون عن مخاوفهم ومشاعرهم، أشعرهم بترحيبك بأسئلتهم حتى الجديدة منها ولو لم تعرف كل الإجابات. في الوقت ذاته، لا تدفعهم للتحدث إذا كانوا لا يريدون ذلك.
- حاول إجراء تلك الأحاديث بعيدا عن وقت النوم، لينعموا بنوم هادئ يخلو من الكوابيس المتعلقة بالأحداث قدر الإمكان.
- حافظ على روتين أطفالك اليومي ما أمكن: كساعات وجبات الطعام وساعات الدراسة والنوم، وأخبرهم أن أي تغيير الحاصل بسبب القصف هو مؤقت وأنكم ستحاولون التكيف ريثما تستقر الأمور.
- عزز الرعاية الذاتية لأطفالك: شجع أطفالك على شرب كمية كافية من الماء وتناول الطعام بانتظام والراحة وممارسة الرياضة، لما في ذلك من نتيجة إيجابية في رفع حصانتهم النفسية، بالرغم من صعوبة الأمر إذا كان القصف متواصلا.
- ساعد الأطفال على الشعور بالأمان: قم باحتضان أطفالك وتطمينهم، تحدث معهم حول مخاوف السلامة والاحتياطات الواجب اتباعها، وناقش ما يحصل على قدر استيعاب الأطفال، فذلك سيخفف قلق الطفل من جهة كما سيربطه بقضيته الوطنية من جهة أخرى.
- تحدث عن المستقبل وخططه: يمكن أن يساعد هذا في مواجهة الشعور السائد بين الأطفال المصابين بصدمات نفسية بأن المستقبل مخيف وكئيب ولا يمكن التنبؤ به.
- قد تتولد مشاعر قوية لدى الأطفال أو المراهقين نتيجة لما حدث، فيحاولون التصرف باندفاع وتهور لتفريغ تلك المشاعر، من الضروري التحدث معهم عنها وإخبارهم أنه من الطبيعي أن تغمرهم المشاعر الآن، إلا أن التصرف بغضب وبلا ضابط لن يفيد، بل هناك طرق أكثر حكمة للتعامل مع تلك المشاعر كالكتابة والأعمال الفنية وممارسة الرياضة وقضاء الوقت مع الآخرين.
- في حالة استمرار المحنة، شجعهم على المشاركة في الأنشطة كالاستعدادات الأمنية في المنزل والخدمات في الحي والأعمال الإيثارية؛ هذا النوع من النشاط يمنع الأطفال من الوقوع في عقلية الضحية ويساعدهم على توجيه طاقتهم العاطفية بطرق إيجابية.
- حد من تعرضهم لوسائل الإعلام: احمِ طفلك من التغطية الإعلامية الزائدة عن الحد، سواء كانت رسمية أو مواقع التواصل الاجتماعي خاصة أن المشاهد المؤلمة التي يتم بثها عبر تلك الوسائل يمكنها أن تتسبب بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة لمشاهديها حتى لو لم تصبهم الأحداث بشكل مباشر. اشرح أن التغطية الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تثيرالقلق والمخاوف من وقوع التفجيرات مرة أخرى ومن الممكن أيضًا أن تنشر الشائعات. حاول تشتيت انتباههم بالأنشطة المختلفة التي يستمتعون بها مهما كانت بسيطة.
- كن صبورا وصادقا: قد يكون الأطفال بعد أحداث القصف أكثر تشتتًا ويحتاجون إلى مساعدة إضافية في الأعمال المنزلية أو الواجبات المدرسية وذلك يحتاج إلى صبر منك، كما عليك أن تكون صادقا في المعلومات التي تخبرها لطفلك مع مراعاة مناسبتها لعمره وشخصيته.
- تعامل مع الذكريات الناتجة عن القصف بشكل صحيح: دعهم يفرقون بين الحدث الصادم وبين الذكريات، بإمكانهم قول أن صوت سيارة الإسعاف مثلا يذكرني بالقصف لكني بخير الآن، ساعده على التكيف مع الذكريات المؤلمة.
- راقب التغييرات في العلاقات: اشرح للأطفال أن توتر العلاقات يمكن أن يحدث.
- استغل الظرف الحالي لشرح أهمية الإيمان والوطن وحقوق الإنسان وأهمية العائلة والأصدقاء في مثل هذه الأوقات لتقديم الدعم والسند، اقض معهم مزيدا من الوقت للتحدث معا كعائلة عن الأحداث الجارية والمشاعر المصاحبة لها.
- إذا حدث وتمت إصابة طفلك وتضرر جسديا فمن الضروري أن تجعله يشارك في أي قرار طبي يخصه، و اطلب منه طرح الأسئلة وإبداء الرأي حول الإجراءات المختلفة، كما أن المراهقين يهتمون بشكل خاص بمظهرهم الجسدي وخصوصيتهم لذا تحدث معهم حول مخاوفهم وطرق حل المشكلات ومعالجتها واحترام خصوصيتهم.
- اطلب المساعدة المتخصصة: إذا استمرت أعراض المعاناة عند الأطفال والمراهقين لمدة تزيد عن شهر بعد القصف كتجنبهم كل ما يذكرهم بأحداث القصف أو القلق عند ابتعاد الوالدين وصعوبات النوم وسهولة الاستثارة بسبب الأصوات واللمس والتبول اللإرادي وضعف التركيز والانتباه، يجب على الآباء استشارة طبيب موثوق أو أخصائي صحة نفسية.
في الختام، علينا أن نتذكر أن طريق التحرر طويل وشاق، وأن من العدة اللازمة في هذه الطريق الحفاظ على السلامة النفسية لأطفالنا، فرسان المستقبل القريب، فإن ذلك من صلب المقاومة ومن أركان القضية الوطنية، فلنتحل بالصبر ونتسلح بالوعي.