ما هي العلاقة السامة؟
مصطلح العلاقات السامة لا يمكن تصنيفه بالحديث ذلك لوجوده منذ سنوات عديدة، لكنه بات دارجا في عصرنا هذا نظرا لازدياد الوعي في الفترة الحالية حوله مما جعل الحديث يكثر عنه. نطلق على العلاقة الغير صحية بالعلاقة السامة لوجود أنماط غير صحية تؤثر على العلاقة. مثال ذلك: عندما يكون لدى الشريك مشكلة في التعبير عن ذاته أو في التعبير عن مشاعره، عندما يقضي معظم وقته في العمل أو مع أطفاله وينسى شريكه في العلاقة الزوجية. هذه أنماط تعبر عن شريك يمثل علاقة سامة (علاقة توكسيك).
إذ تكون العلاقة سامة عندما يفتقر فيها الأشخاص للتواصل والتفاهم مع بعضهم البعض، من الممكن أن تمر أي علاقة عاطفية بمراحل ويكون إحدى هذه المراحل هو الفتور في العلاقة وهذا شيء طبيعي يمكن أن نجده بين أي زوج وزوجة، ولكن يجب في حينه أن يعلم الأزواج في هذه العلاقة أين يقفون ويجدون طرق لحل هذا الفتور وينتبه الأزواج لهذه الأنماط ويحلوها. لكن عند الحديث عن العلاقة السامة نجد أن هذا الفتور وهذه الأنماط الحادة أكثر وضوحا والصحة النفسية للشريكين تصبح مهددة مما يقود إلى وجود تهديد عاطفي، نفسي، جسدي. بالإضافة لوجود عنف سواء أكان كلامي، عاطفي، أو جسدي ما يصاحبه من غضب، ذل، احتقار، ومحاولة التقليل من مكانة الآخر.
في اللحظة التي تبدأ فيها الصحة النفسية لدى الشريك في الهبوط وأحياناً قد يصل للهبوط الحاد هنا نبدأ بملامسة علامات العلاقة السامة.
علامات العلاقات السامة (علاقة توكسيك) :
- وجود احتقار وتقليل من شأن الطرف الآخر ما يدفعه للشك في نفسه.
- التساؤل الدائم إن كنت قد فعلت التصرف الصحيح أم الخاطئ.
- وكون العلاقة جداً حساسة ولا يعلم الطرف الذي يكون في علاقة سامة كيف يتصرف.
- الشعور بالغضب: من الطبيعي الشعور بالغضب في كافة العلاقات لكن طريقة استعماله في العلاقة هو ما يلعب دور في التفريق ما بين العلاقة العادية والعلاقة السامة. الغضب في العلاقات السامة يتمثل في استعمال العبارات الجارحة.
- التجريح النفسي، العاطفي، والكلامي. مثل: استخدام الشتائم والعبارات الجارحة، ووصفه في عبارات قبيحة.
- اللجوء إلى المعاملة الصامتة وعدم تبرير هذه المعاملة للطرف الآخر.
- استخدام الشريك حركات توحي بأنه أعلى منك ما يجعلك تشعر بالخذلان.
دائماً يكون هناك إشارات تنبهنا بوجودنا بعلاقات سامة، لكن الكثير من الشركاء السامين يقومون بهذه الإشارات باسم الحب والفقرات الجميلة. يأخذون الأجزاء الجميلة ويغطون على تلك الإشارات، فالإشارات تكون موجودة لكن لم يتم إعطائها الأهمية ولم نتمكن من الانتباه لها. لذلك ننبهكم لبعض الإشارات التي تمكنكم من الكشف عن العلاقات السامة بحياتنا.
كيف نكتشف العلاقات السامة في حياتنا؟
- إذا طلب الشريك حذف حساب التواصل الاجتماعي الخاص بك. أو حثك على إنشاء حساب مشترك تكون كلمة المرور فيه مع الشريك السام.
- عندما يلبي الشريك السام احتياجاته على حساب اقتراحاتك واحتياجاتك.
- عندما يكون لدى الشريك نوبات غضب معينة تدفعه للغضب ثم يأتي بعد ذلك بمبررات هذا الغضب.
- تسلط الشريك السام على الطرف الآخر ولا يحترم مساحته الشخصية.
- ممارسة الشريك السام العنف العاطفي بحق شريكه مثل أن يقوم بحظر الطرف الآخر من وسائل التواصل الاجتماعي، ما يخلق حساسية بين الشريكين.
- يحمل الشريك السام المسؤولية لشريكه ولا يأخذ مسؤولية اتجاه افعاله.
- تنعدم ثقة الشريك في نفسه بسبب أفعال الشريك السام، إذ يبقى الشريك منعدم الثقة بالنفس، ودائم الشك في نفسه إن كان قد أخطأ في شيء.
لذلك يجب على الشخص قياس مدى راحته في العلاقة وإذا كانت العلاقة تسمح له بالتعبير عن نفسه، إذا لم يتمكن أيا منا من إدراك هذه العلامات وقياس مدى رضاه وراحته في أي علاقة يخوض بها هذا من شأنه أن يخلق لنا الكثير من الأزمات النفسية. لما تمثله العلاقات السامة من تهديد للصحة النفسية.
ما هي أبرز الآثار النفسية التي تحدث مع الشخص الذي يعيش في علاقة سامة؟
- الاكتئاب.
- التوتر.
- انعدام العلاقات الاجتماعية والعائلية المقربة.
- عدم الاهتمام بالمظهر الخارجي أو تتغير نمط أو طريقة اللباس.
- يمكن أن يحدث معه نوع من أنواع اضطراب الطعام، إذ من الممكن أن يتناولون الطعام بمعدل أكثر بكثير من حاجتهم أو تنعدم الرغبة في الأكل لديهم.
- يشعرون بأنهم غريبون عن أنفسهم.
لماذا اجذب العلاقات السامة؟
- النشأة بين والدين تربطهم علاقة سامة: يجب ألا ننسى بأن العلاقات التي نمر بها تشبه بشكل كبير العلاقات التي كانت في المنزل، فإذا كان الأب والأم تربطهم علاقة زوجية تفتقر للاحترام هذا من شأنه أن يكون لدى الأبناء فكرة أن عدم الاحترام ما بين الشريكين شيء طبيعي، ما يدفعهم للانجذاب إلى مثل هذه العلاقات السامة لاعتقادهم بأن هذه هي طبيعة العلاقات الصحيحة. فكثير من الارتباط يكون شبيه مع ما تعودنا عليه في المنزل. كما أن الوالدين اللذان تربطهم علاقة سامة يكون لدى أطفالهم احتياجات عاطفية لا يقومون بتلبيتها.
- فقدان أحد الوالدين الذين تربطهم علاقة سامة: ما يجعلك تشعر بالهجر والفراغ وتغدو باحثا عن الشفاء من جروحات الماضي، وكي تشفى من الجرح الماضي يجذب عقلك لصفات تشبه صفات أحد والدين السامين. ستبحث عن شريك حياة سام يشبه أحد والدين السامين لاقتناعك بأن هذا هو الشكل الطبيعي للعلاقة. لذلك ستلجأ لنفس النوعية من الأشخاص الذين يمكن أن يؤذوك كما تأذيت من أهلك السامين.
- أن يكون لديك هدف دائم لإصلاح من حولك: عندما يكون لديك هدف إصلاح من حولك وتغييره هذا يجعلك فريسة سهلة للعلاقات السامة، يكون لديك سعي دائم في إصلاح وشفاء الشريك مهما كان سام وسيء في العلاقة، هذا يدفع الشريك السام إلى إبقاء العلاقة ما بينكم قائمة على وعوده بالتغيير للأفضل وأنه سوف يتغير بعد الزواج وإبقائك موهوم بهذه الوعود. لذلك إذا كنت من الأشخاص المحبين لتغيير الشريك وشفاؤه يجب أن يكون لديك القدرة على اختبار العلاقة ودراسة نتائج ما تختبره على المدى الطويل، اختبار مدى قابلة الشريك على التغيير قبل الخوض في تجربة الزواج لعدم وجود أي ضمان لتغيير أي شيء بعد الزواج. إذا لم تقم بذلك ستجد نفس بعد مدة من الزمن فاقدا لحلم التغيير وغارق في علاقة سامة لا ترغب بها ما يدفعك للتفكير بإنهاء العلاقة والانفصال أو أن تبقى عالقا في وعود الشريك السام بالتغيير ما بعد إنجاب طفلكم الأول.
من المهم الإشارة إلى أن واحدة من أبرز الشخصيات البارزة في العلاقات السامة هي العلاقة النرجسية لأنها معروفة في استراتيجيتها التي تلجأ إلى الرومانسية، إذ تجعل الطرف الآخر يصدق ويكون في حالة حب، ويستجيب في أمور يعرف أنك تريدها كي يجذبك له، حتى أنه يطلب أن تمضوا في ارتباط رسمي ما بينكم كي يضمن وجودك، لتكشف حينها سقوط القناع عنه ورؤيته على حقيقته والتي يكون فيها أكثر عنفاً. وتستمر العلاقة لأن بدايتها كانت رومانسية وخيالية بشكر كبير، ما يجعلك تتشبث بها لأنهم يبقون على تلك الذكريات ويحاولون إرجاعك إلى المرحلة الاجمل في العلاقة، التي كانت قائمة على استراتيجية النرجسي للإيقاع بك وليست حقيقة. وأحياناً تعود الشخصية النرجسية للرومانسية ليس لأنه تغير إنما لأنه يريد شيء منك وعند تحصيله له يعود إلى ما كان عليه بالسابق.
لماذا من الصعب اتخاذ قرار الخروج من العلاقات السامة؟
في حال قرر أي طرف الانفصال والخروج من العلاقة السامة يكون هذا قرار صعب وذلك لعدة أسباب منها:
- لأن كلا الشريكين يكونوا قد تعودوا أحياناً على المشاكل التي يواجهونها. ويخافون التوجه إلى مكان جديد غير مألوف حتى لو كان الغير مألوف يفضلون البقاء في ذات المكان الذي فيه صعوبة، بالتالي تكمن المشكلة في الخروج من منطقة الراحة وأنهم يفضلون البقاء في المكان المألوف والمعروف على أن يذهبوا إلى مكان غير معروف، بالتالي لا يعرفون ماذا سوف يحدث معهم فالخطوة هذه لا تأتي بسرعة فهي تأتي بعد فترة طويلة جداً.
- هناك أشخاص يفكرون أنه عند الانفصال سوف يعودون إلى بيت أهلهم. فيصبح هناك مقارنات بين بيت العائلة وبيت الزوج، ويصبح الاختيار بين السيء والأسوأ.
- الخروج من العلاقة السامة يتطلب مني الاستقلال المادي إن كنت معتمد ماديا على شريكي السام، ولا يكون لدي مؤهلات تمكني من الاستقلال لذلك أفضل البقاء معه.
- وجود أطفال ما بين الشريكين يصعب عملية الخروج أو الانفصال من العلاقة السامة.
- التعلق العاطفي بشريكي السام يشكل عائقا امام خروجي من العلاقة السامة.
من المهم أن نكون أقوياء وقادرين على اتخاذ قرار الخروج من العلاقة السامة علاقة توكسيك صحيح أنه سيكون هنالك العديد من الآثار الجانبية لهذا الخروج ولكن علينا ان ندرك أن هذه الآثار ما هي تبعات العلاقة السامة التي كنا نعيش بها. قد يعاني الكثير منا ما بعد الانفصال عن العلاقات السامة من صدمات لأن الأذى العاطفي، الجسدي، النفسي يكون كبير لدرجة أنه سوف يكون اضطرابات نفسية لدينا، لذلك علينا مساعدة أنفسنا أو من حولنا من هم في طريقهم للخروج والتعافي من العلاقة السامة علينا إدراك كيفية التعامل مع ذواتنا أو مع غيرنا وأن نتفهم أن مدة التعافي والشفاء تتطلب الصبر.
كيفية تحويل العلاقة السامة إلى علاقة صحية؟
ترتب العلاقات السامة العديد من الاضطرابات النفسية لدى الشخص المتأثر من هذه العلاقة والشخص المسبب للاضطراب أي السام وتكون العواقب النفسية وخيمة أكثر على الشخص السام؛ لأنه عادة لا يرى أنه بحاجة إلى علاج نفسي وأنه على حق وأنه لا يفعل أي شيء خاطئ وكل اللوم على الطرف الآخر. فلا يكون هناك احتمال لحدوث تغيير نحو الطرف الإيجابي وهذا الفرق بين العلاقة السامة والعلاقة الغير صحية، فالعلاقة الغير صحية يرى الطرفين أن هناك أمر غير صحي ويقرر الطرفين الذهاب للعلاج النفسي، أما في العلاقات السامة فهناك طرف غير مستعد أن يرى الجزء الخاص به فلن يبحث عن دعم أو مساعدة ويرى أن العلاقة سوف تبقى كما هي.
هناك اعتقاد أنه بالإمكان إصلاح وشفاء الشخص الذي يمارس الأمور السامة، يجب عند التفكير في هذا الأمر أن ندرك بأن هناك فرق بين إعطاء مبررات لتصرفات شريك الحياة وتفسير أسباب تصرفاته السيئة ولكنها ليست مستمرة ودائمة، وبناء عليها آخذ قرار الانفصال أو البقاء. وما بين إعطاء مبررات لشريك يقوم بتصرفات سيئة بشكل مستمر ويبرر لنفسه. في الحقيقة ليس هناك مبرر للعلاقة السامة، إنما هناك تفسيرات لتصرف الشخص بطريقة سيئة. بجميع الأحوال أنت لست مسؤول بأن تكون معالج لشريك حياتك، يمكن أن تكون داعم له كي يساعد نفسه وليس أن تعالجه أنت، يجب أن يكون مقتنع بحاجته للعلاج أيضاً كي يتعالج. أنت عليك فقط أن تكون داعم لشريك الحياة وليس أن تبرر له سلوكياته السامة.
كيفية التعامل مع العلاقة السامة؟
إذا كنت موجود في علاقة سامة والطرف الآخر لا يتحمل مسؤولية أفعاله السامة (توكسيك) بحقك، كما يقوم بتبريرها وغير متقبل لفكرة العلاج النفسي عليك بالآتي:
- إذا كنت تستطيع الخروج من العلاقة عليك بذلك، لأن البقاء في هذه العلاقة جداً مدمر.
- إذا كان من الصعب الخروج من العلاقة لعدة ظروف سواء بسبب المستوى الاقتصادي، الأطفال، أو الوضع الاجتماعي. عليك أن تدرك بأن هناك طرق للتعامل أو البقاء خلال هذه العلاقة من خلال حماية نفسيتك عن طريق تقويتها ومعرفة أن الصفات التي يصفك بها لا تعكس شخصيتك. كما عليك تعلم طريقة الحوار مع هذا الشخص عن طريق إيجاد استراتيجيات للوصول للشيء الذي تريده من خلال التصرف مع الشخص بطريقة معينة. والاهتمام بكل ما يشاهده ويسمعه الأطفال فإذا كان الشريك يستعمل العبارات السامة مع الطفل أيضاً يجب أن تخبر الطفل أنه عظيم والحديث معه بعبارات إيجابية كي لا تنعكس عليه العبارات السامة.
الأشخاص الذين يتعاملون بطريقة سامة يكونوا غير واعين بأنهم سامين، ولا يوجد لديهم وعي لذاتهم ولا للآخر ويفتقرون للتعاطف مع الآخر، لأنهم لا يتكلمون بلغة المشاعر ولافتقارهم النظر للآخر والوعي لذاتهم وعلاقاتهم.
بعد الانفصال وبسبب العنف العاطفي واللفظي والجسدي الذي يتعرض له كثير من الأشخاص لفترة كبيرة بالإضافة لشعور العجز يدفعهم لصدمة كبيرة، هناك أشخاص يستطيعون الشفاء منها وآخرين يبقون عالقين في المخاوف التي جاءت من هذه العلاقة، مما يجعلهم يعانون من اكتئاب، توتر، اضطرابات نفسية معينة. وتختلف درجة الشعور من شخص لآخر وهذا يعود لطبيعة الشخص ودرجة تعلقه بالشريك، فهناك أشخاص شخصيتهم قوية تجعلهم يتخطون هذه المرحلة وهناك شخصيات أقل قوة، بالإضافة إلى طبيعة الدعم الذي يتلقونه من المحيط وكم هي قادرة على احتوائهم. من الممكن أن يمر الخارج من علاقة سامة في مرحلة اكتئاب وفقدان وإنكار إذ لا يصدق ما حدث معه، وقد يدخل في حالة صدمة ثم إنكار ما حدث معه يتلوها الغضب من ثم المساومة، ليكون لوم النفس والآخر آخر المراحل لكن من المهم أن يعرف أنه يجوز لوم ذاتك لأنك لم تكن تعلم بما يحدث معك، يجب عليك إدراك كل ما سبق حتى تصل لمرحلة التقبل.
خطوات لتحسين صحتك النفسية بعد الخروج من العلاقة السامة (توكسيك)
- يكمن الشفاء في ألا تبقى لوحدك وتنعزل عن العالم.
- يجب أن تتوجه لأخصائي نفسي للتعبير عن نفسك وعن مشاعرك وخبراتك كي تعاود بناء شخصيتك منذ البداية التي تدمرت في هذه العلاقة.
- يجب أن تحيط نفسك بأشخاص داعمين ويهتمون في رفاهيتك.
- لا يمكن معرفة المدة التي تستغرقها فترة الشفاء لأن ذلك يختلف من شخص لآخر وتحتاج إلى صبر، ويجب أن يكون هناك أخصائي يرافقك بالإضافة لدعم الأشخاص القريبين منك.
علينا قبل الخوض في أي علاقة أيا كانت طبيعتها أن نكون مدركين لذواتنا واحتياجاتها حتى نتمكن من فهم طبيعة الشريك وفهم احتياجاته، وحتى يكون لدينا القدرة على الاختيار وحتى نتجنب الخوض في أي علاقة بوعي زائف يستنزف عواطفنا وقوانا الجسدية والصحية. لذلك نصيحتي تكمن في التأني في اختيار الشريك وعدم الاستهانة في الإشارات التي تكون في فترة التعارف.