يعتبر اللعب مدخلا هامًّا إلى عالم الطفولة، وهو نشاط حركي يقوم به الطفل بهدف إشباع رغباته الجسدية-الحركية والحسية والعقلية والنفسية-العاطفية والاجتماعية؛ بالإضافة إلى تفريغ طاقاته والشعور باللذة والمتعة والتسلية، وهو يحتوي على عناصر التخيل والإبداع حيث يجعل الطفل ألعابه تأكل وتنام وتضحك وتبكي وتغضب؛ ويكون اللعب مدفوعًا بحب الاستطلاع والاستكشاف.
يقضي الأطفال معظم أوقاتهم في اللعب، واللعب يشكل مساحة آمنة يلجأ إليها الطفل بشكل حر وعفوي أو موجه مصوّرًا أو ممثلاً الواقع المحيط به والعلاقات من حوله، ومعبّرًا عن مشاعره وأحاسيسه بصورة ملموسة أو محسوسة كاشفًا ما يدور في داخله من صراع أو مخاوف وقلق أو إحباطات ومشاعر إيجابية أو سلبية أخرى مختلفة ومتنوعة، خاصة الأجيال الصغيرة حيث يصعب عليهم التعبير كلاميًّا عن مشاعرهم وأحاسيسهم وصراعاتهم أو الأزمة والضائقة التي يمرون بها، مشكّلا عالمهم الخاص جدًّا.
يتعرف الطفل على ذاته وعلى عالمه الخارجي من خلال اللعب، يكتشف بيئته بعناصرها ومثيراتها، يتعرف على العلاقات، الأدوار التي يتخذها هو والأدوار التي يتخذها الآخرون في حياته، يتعلم لغة وثقافة مجتمعه، ويتعرف إلى خصائص الأشياء من حوله.
يساعد اللعب في نمو وتطور الطفل الجسدي، العقلي المعرفي، الحسي-الحركي، النفسي-العاطفي، والاجتماعي. كما أنّه ينمي قدرة التفكير والتخيل والابتكار والإبداع؛ مساهمًا في تشكيل شخصيته وبنائها.
ميلاني كلاين الرائدة في منهج التحليل النفسي للأطفال، كانت أول من ابتكرت وطوّرت تكنيك العلاج بواسطة اللعب.
في بداية تطور العلاج باللعب، أوضحت كلاين كيف يجري الطفل اسقاطات من عالمه العاطفي-النفسي الداخلي، وعلاقاته الشيئية، على الدمى والألعاب.
توجيه الطفل إلى العلاج باللعب ينبع عادة من شعور الأهل بوجود صعوبات في التأقلم لدى الطفل، تأخّر أو اضطراب في تطوره العاطفي-والاجتماعي.
هذا التكنيك من العلاج ملاءم لأطفال من جيل ثلاث سنوات وحتى إحدى عشرة سنة تقريبًا.
كيف يعمل تكنيك العلاج باللعب؟
تبدأ السيرورة العلاجية بلقاءات تعارف وتقييم الحالة العلاجية (2-3 لقاءات):
- لقاء مع الأهل الذي من خلاله يشاركون سبب توجيه الطفل للعلاج، معلومات عن الطفل، أحداث مهمة في حياته، وأسباب ممكن أن تكون أدت إلى ظهور المشكلة.
- لقاء أو لقاءان مع الطفل، يتم من خلالهما التعرف على الطفل عن قرب، فحص وتشخيص قدراته، أسباب صعوباته ومعاناته، ومدى ملاءمته لهذا النوع من العلاج.
- في نهاية هذه اللقاءات (التعارف والتقييم) يشارك المعالج الأهل بالاستنتاجات والتوصيات لبرنامج علاجي ملاءم.
من أجل إنجاح السيرورة العلاجية وقطف ثمارها، من المهم جدًا وجود تعاون من قبل الأهل مع المعالج.
تقام جلسات إرشاد أهل من مرة واحدة في الشهر وحتى مرة واحدة كل أسبوع بهدف تمكين الأهل وزيادة تأثير العلاج بالنسبة لحالة الطًفل.
بداية السيرورة العلاجية، تخصص لبناء علاقة وتطوير ثقة بين الطفل والمُعالج.
علاقة آمنة ومتينة بين الطفل والمُعالج من شأنها المساعدة في زيادة استفادة الطفل من العلاج.
الأطفال بعكس البالغين، يعبرون عن عالمهم الداخلي بواسطة اللعب، ولذا هذا النوع من العلاج جدًّا ملاءم للأطفال خاصة من فئة عمرية صغيرة.