الحياة كلمة تختزل في طياتها صراع كل منا مع نفسه، مع الظروف، ومع الاخرين. الحياة تضعنا دائما على مفترق طرق يجعلنا نختار ما بين متعدد، لنرسم بقدر المستطاع الحياة التي تشبهنا وتشبه خياراتنا. عليك أن تدرك بأن الظروف والاخرين لن يجعلوا هذه المهمة بالسهلة أي مهمة الاختيار، إذ ستكون بصراع دائم معهم حتى تتمكن من اختيار الحياة التي تريد.
كيف نواجه الحياة بظروفها الصعبة وكيف نواجه الآخرين؟
تشكل طرق مواجهتنا للظروف والاخرين مفترق طريق يحدد فيما بعد تبعات كل طريق نخطوه، يتخذ هذا المفترق ثلاثة اتجاهات:
- الاتجاه الأول: هو اتجاه العنف ويشبه سمك القرش لأنه عدواني.
- الإتجاه الثاني: وهو الإتجاه المناقض للأول وهو التنازل، فيتراجع فيه الشخص ويلغي نفسه، ليشبه بذلك سمك السردين فهو لا يستطيع أن يحمي نفسه ويتعرض للإستغلال.
- الإتجاه الثالث: وهو الطريقة الوسطى ما بين الأول والثاني والذي ينصح بها، تشبه سمك الدولفين فهو سمك ذكي يعمل علاقات، يعبر عن نفسه ويحمي نفسه، لا يعتدي على غيره، ويصنع علاقات متوازنة مع الآخرين، فيصر على رأيه دون الإعتداء على غيره، تعد طريقة الدولفين جيدة وتناسب المجتمعات الحضارية، لكن في بعض الظروف يلجأ الإنسان إلى أساليب وأدوات أخرى لكي يستعملها وفق نمط محدد حسب الشخص الآخر.
لكل إنسان في الحياة نمط سائد في طرق المواجهة الخاصة به، فهناك أشخاص يميلون للعنف أكثر، وهنالك أشخاص يميلون للتنازل عن أنفسهم أكثر، كما هنالك أشخاص متوازنين أكثر، وهذه الأنماط تنشأ في ظروف الطفولة وفي مرحلة الطفولة، وفيما بعد مرحلة الطفولة، إذ يبدأ الإنسان بالتعرف على نفسه وعلى الآخرين وتكوين طرق مواجهة. طرق المواجهة تكون حسب الاَخر وحسب المعطيات الوراثية.
وفي أي حالة يجب أن يكون للإنسان بدائل وطرق مواجهة متعددة في الحياة حتى يناسبها مع الظرف ومع من هو الآخر، مثال ذلك: زوج وزوجة يعملان، والنمط السائد في مجتمعاتنا هو أن المرأة تتحمل أعباء العمل داخل وخارج البيت، بينما الزوج يتحمل أعباء عمله خارج المنزل فقط، فزوجته مرهقة لكنها تملك طموح لإكمال دراستها والحصول على درجة الماجستير، لكنها تشعر بالإختناق داخل البيت بسبب أعبائها، فتخبر زوجها لكي يشاركها أعباء المنزل، بعض الأزواج يستجيبوا لطلبها، والبعض الآخر لا يتجاوبون معها فتسأل نفسها ماذا تفعل؟ وما هي البدائل؟
- البديل الأول: القبول بالوضع القائم والتخلي عن الطموح ما يترتب على ذلك من تعب نفسي، ضغط نفسي، وتعب جسدي، فهي تكسب الهدوء خارجي لكن عمليا في داخلها يوجد صراع،
- البديل الثاني: تقسيم دراستها على سنوات، فبدلا من إنهاء دراستها في سنتين تنهيها في أربعة سنوات،
- البديل الثالث: إحضار من يساعدها في المنزل يوم أو يومين لتخفيف العبئ عنها،
- البديل الرابع: هو أن تخفف أعبائها، فبدلا من أن تطهو كل يوم تطهو ثلاث أيام في الإسبوع، وهذا يفتح الباب أمام الخلافات مع الزوج، أو أن تتعلم بأي ثمن ولا تهتم بشيء آخر، لتكون بذلك قد حققت طموحها، لكن سببت توتر في المنزل،
- أما البديل الأخير هو أن تكمل دراستها، حتى لو كان الثمن هو الإنفصال.
علم النفس لا يعطي أيا منا ولا حتى تلك المرأة جواب لسؤال ماذا تفعل؟ لكن الحياة بما تمليه عليك من تجارب تحتم عليك الاختيار، تدفعك لمعرفة ماذا تفعل. إذ في المثال السابق المرأة هي الوحيدة التي تستطيع أن تختار ما يلائمها ويناسبها، وتتحمل نتيجة قرارها، فلا يحق لأي إنسان إتخاذ موقف من قرارها، فهي أدرى في قدرتها على التحمل، وفي استعدادها للتنازل، المواجهة، والصمود.
قم بتسجيل في موقع حاكيني للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية.