يعتمد التشخيص كإجراء أولي يمكن الأطباء والأخصائيين من تحديد أو تقييم الحالة النفسية للمريض، ما يمكنهم فيما بعد من تحديد إن كان مصاب باضطرابات نفسية أو ذهانية. يتم ذلك عن طريق تحديد الأعراض التي يعاني منها المريض ليتمكنوا من تصنيف طبيعة الاضطراب أو المرض الذي يعاني منه سندا لهذه الأعراض. يمكننا القول بأن التشخيص النفسي هو أهم مرحلة في مرحلة العلاج النفسي لأنه قائم على تقييم الحالة النفسية للمريض التي ستقوم عليها الخطة العلاجية فيما بعد.
كيفية إجراء المقابلة النفسية؟
تعد المقابلة الخطوة الأولى من مراحل التشخيص النفسي والتي لابد وأن نراعي بعض الأمور عند إجرائها التي تشجع المريض على التحدث عما يعانيه بأريحية منها:
1. التعريف بأنفسنا.
من المهم أن نعرف المريض عن أنفسنا وعن طبيعة عملنا أو الدور المهني الذي نقوم به بكل وضوح، وعن رغبتنا في التحدث معه عن صحته النفسية. حتى لا يشعر المريض بالريبة أو بأنه خاضع لتحقيق أو استجواب أو أنه مضطر على الخوض في الحديث معنا.
2. اتباع استراتيجية كسر الحواجر مع المريض. من الخطأ أن نبدأ المقابلة بتوجيه أسئلة مباشرة للمريض حول صحته النفسية، بل الأجدر أن نبدأ بنقاش عام حول صحته وأحواله. أي بمعنى الخوض في مواقف عامة شخصية تعرض لها المريض، ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة ما بيننا فهذا كفيل بأن يشعر الكثير من المرضى بالراحة والحدث بيسر عما يعانونه.
3. إظهار التعاطف. تعد مهنة الطبيب أو الأخصائي النفسي من المهن التي تتطلب الكثير من التعاطف، علينا إظهار تعاطفنا وتقديرنا لما يشعر به المريض ما يمكنه من البوح بكل ما أصابه أو يشعر به. بإمكاننا القيام بذلك عن طريق وضع أنفسنا مكانه وتخيل ما يمكن أن نشعر به ونحن مكانه. من المهم أن ننظر إلى المريض بشكل شامل أي ألا نتناول ما يبوح به من مواقف واحداث تعرض لها وردة فعله تجاهها بمعزل عن الواقع والبيئة التي نشا بها وهذا نوع آخر من التعاطف.
4. أن نقتصر على طرح الأسئلة الجوهرية. أن نهتم في طرح الأسئلة الجوهرية التي تمكنا من معرفة طبيعة البيئة الاجتماعية والعائلية التي خرج منها المريض ما يمكنا من فهم سبب ما يعانيه. علما بأن هذه الأسئلة هي التي تضمن لنا تلقي إجابات ذات جدوى تحقق لنا تقدم أكبر في عملية الفحص.
5. الحفاظ على خصوصية وسرية المقابلة. من المهم أن نحافظ على خصوصية وسرية ما يبوح به المريض أثناء المقابلة، إذ يمنع أن يتم إظهار المناقشات الدائرة بيننا وبين المريض على أي شخص آخر.
6. أن نكون على اطلاع بالأنواع الأساسية للاضطرابات النفسية وأعراضها.
7. ألا نظهر اصابتنا بالملل أو الاستعجال أمام المريض. مثال ذلك أن نقضي معظم الوقت ونحن ننظر للساعة أو ننظر للمريض بنظرات تدفعه للاستعجال بالحديث. من المهم أن نتذكر أن العملية بأكملها لن تحتاج لأكثر من عشرة دقائق حتى نتمكن من فهم ما يعانيه المريض والتمكن من وضع خطة علاجية له. لكن إن قمنا بالاستعجال أو خصصنا وقت ضيق للمريض هذا بدوره سيؤثر على قدرة الطبيب في تحديد الاعراض ووضع الخطة العلاجية اللازمة لذلك. تخصيص الوقت الكافي وإشعار المريض بالاهتمام يساهم في تحسين سير الخطة العلاجية.
8. نعطي مساحة للشخص للحديث بعزل عن الأهل.
9. من المهم أن يكون هناك إشراك للأهل في المقابلة. حتى نتمكن من فهم ما يعاني منه المريض بصوة كاملة يجب ألا نعتمد فقط على روايته، بل من المهم العمل أيضا على إشراك الأهل والأقرباء. لأن بعض المرضى قد يتجهون لإنكار مرضهم أو أنهم يعانون من أية مشاكل، أو لا يدركون طبيعة تصرفاتهم. لذا فإن الأقرباء والأصدقاء قد يعطون معلومات تفيد في اتخاذ قرار عيادي.
10. أهمية التواصل البصري مع المريض. فالتواصل البصري اثناء التشخصي النفسي البصري يعطيه الثقة بأنك مهتم لأمره ولما يقول.
11. استئذان المريض بتدوين المعلومات الأساسية لاستعمالها فيما بعد. من المهم قبل الشروع في تدوين ما يقوله المريض أن نستأذنه وأن نركز على تدوين الاعراض الأساسية ذلك دون إغفال التفاصيل التي قد يخوض بها المريض وقد تغير فهمنا لحالته.
ما ينبغي ملاحظته أثناء المقابلة النفسية؟
لا ينبغي عليك كمعالج أن تحصر كل اهتمامك وتركيزك أثناء مقابلتك للمريض على الأسئلة التي تريد توجيهها له أو المواضيع التي تريد مفاتحته بها، بل ينبغي أن يكون أفقك أوسع بكثير من ذلك. هناك العديد من الأمور التركيز يساعدك على تحديد أدق للأعراض. منها:
1. الانتباه لتعابير وجه المريض. قد تستحوذ على المريض تعابير على وجهه يمكن الالتفات لها كمؤشر حول حالته النفسية مثل الحزن أو الخوف.
2. حركته الجسدية. قد يعاني المريض من زيادة أو بطء في حركته الجسدية كأن يفقد القدرة على الاستمرار في الجلوس أو التلفت المستمر لما يحدث حوله وهذا نشهده مع الأمراض الذهانية التشخصي النفسي البصري ، أو عدم قدرة المريض على الاسترخاء مثل مرضى الاكتئاب والإحباط. من الممكن أن يكون لدى المريض حركات جسدية غريبة نتيجة الآثار الجانبية لأدوية النفسية والعقلية التي يتعاطاها.
3. طريقته في الكلام. من الممكن أن يتحدث المريض بوتيرة سريعة جدا عندما يكون مريض بأحد الأمراض الذهانية أو الهوس، أو أن يتحدث بوتيرة بطيئة جدا مثل عندما يكون مريض بالاكتئاب أو الفصام.
4. اعتناء المريض بمظهره وبنظافته الشخصية بشكل عام. يمكن أن نشهد اعتناء ضئيل للمريض بنظافته الشخصية إذا كان مصاب بالإدمان أو الاكتئاب أو الفصام.
5. أن يعطي المريض إجابات غير مرتبطة بالأسئلة المطروحة عليه وهذا نشهده بحالات الأمراض الذهانية.
أسئلة تشخيص الحالة النفسية:
لا يجوز أن نقدم على مقابلة نفسية دون الإعداد لها بشكل متقن وجيد بالأخص فيما يتعلق بالأسئلة المطروحة يجب أن ندرك أننا في هذه المقابلة نتعامل مع أشخاص بحاجة لأن نعمل على احتوائهم خلال هذه المقابلة، إذ لا يسمع بالعمل على مقابلتهم بشكل عبثي دون الحضير لطبيعة الحديث الذي سيدور بينكم، لذلك يجب إعداد أسئلة محددة وذات جدوى. يمكن تصنيف أسئلة تشخيص الحالة النفسية بالآتي:
أسئلة عامة
- سؤاله إن كان لديه صعوبات في تنظيم ساعات النوم أو في النوم ليلا.
- سؤاله إن كان فاقدا للشغف تجاه كل شيء، وإن كان فاقدا للاهتمام بممارسة أية نشاطات.
- سؤاله عن حالته الشعورية أي ما الشعور الذي يغلب عليه معظم الوقت. إن كان القلق أو الخوف أو الحزن.
في حال كانت إجابات المريض حول الأسئلة السابقة يغلب عليها الإيجاب يجب أن نذهب لسؤاله أسئلة متخصصة أكثر تمكنا من الوصول لفهم أدق وأوضح للأعراض التي يعاني منها. ذلك لأن الأسئلة السابقة وحدها لا تكفي لتشخيص الاضطراب النفسي التشخصي النفسي البصري .
أسئلة خاصة
- متى بدأ نومك بعد الانتظام ومتى بدأت هذه الحالة الشعورية وفقدانك للشغف؟
- هل شعرت بأن حالتك النفسية مع الوقت تزداد سوءا؟
- هل تناولت أو فكرت في تناول أدوية لتخفف من صعوبة ما تشعر به؟
- كيف يمكنك أن تصف لي ما تشعر به أو كيف تعرفه؟ وبرأيك ما الأسباب التي أوصلتك إلى هنا؟
- هل تم تشخيصك سابقا بأية اضطرابات نفسي؟
- هل تعرضت مؤخرا لأحداث مفصلية او مصيرية في حياتك، كالانفصال العاطفي أو وفاة عزيز عليك أو إن كنت خسرت وظيفتك.
- هل تشعر بانك موجود في بيئة اجتماعية داعمة؟ كأن تكون بين أهل أو أصدقاء يرعونك ويرعون حالتك النفسية؟
في الختام نؤكد على أهمية إدراك كل أخصائي أو طبيب نفسي أن العمل في مجال الصحة النفسية يقوم على عاملين رئيسين أولا: أن يتحلى الطبيب أو الأخصائي بالتعاطف والإنصات ثانيا: ألا يبخل في وقته على مرضاه. حتى يحقق أي تشخيص نفسه نجاعته يجب أن يكون الطبيب قادر على احتواء المريض والتعاطف معه حتى يأخذ منه الوافي عن حالته النفسية هذا بالإضافة على أهمية إعطائه الوقت الكافي واللازم فكلما أعطيت الوقت الكافي كلما حصلت على تشخيص أوضح وأدق لمريضك.