تقسم الاضطرابات النفسية ما بعد الولادة إلى اضطرابات مزاجية عابرة وكآبة ما بعد الولادة وذهان النفاس، وترتبط بالفقر وآلام الولادة وصحة المولود وعدم التخطيط للحمل وارتفاع عدد مرات الحمل وعدم الرغبة بجنس المولود بالإضافة إلى وجود الاستعداد الوراثي للاضطرابات النفسية.
اضطرابات المزاج العابرة
تصيب اضطرابات المزاج العابرة (Blues) ما يقارب نصف إلى ثلثي النساء المنجبات، وخصوصاً في اليومين الثالث والرابع بعد الولادة، وهي تقتصر على سرعة الاستثارة وسهولة البكاء، وتفاوت المزاج بين الشعور بالنشوة والشعور بالبؤس. وغالباً ما تصيب هذه الاضطرابات النساء بعد المولود الأول، وتصيب على وجه الخصوص النساء اللاتي سبق وأن عانين من أعراض الكآبة والقلق أثناء الفصل الثالث للحمل، ومن عانين عادة من توترات الدورة الشهرية. ويُعتقد أن للاختلاف الهرموني المفاجئ بُعيد الولادة دوراً مهماً في نشأة هذه الأعراض والتي عادةً ما تزول بشكل تلقائي، وهي بحاجةٍ إلى التفهم وليس إلى العلاج.
اكتئاب ما بعد الولادة
وتصيب الكآبة متوسطة الشدة ما يقارب 10-20%من النساء في الأسابيع الأولى بعد الولادة. وتشمل أعراضها التعب والقلق والشعور السلبي تجاه الوليد والمخاوف المرضية والأعراض الوسواسية وقد تستمر هذه الأعراض مدة تتراوح بين 2-6 أشهر، وتكشف قلة النوم والإرهاق وصعوبة التأقلم على دور حياتي جديد، كدور الأم، عن الاستعداد الوراثي للإصابة بمثل هذا النوع من الأمراض. لكن لمساندة الأزواج أهمية بالغة للتخفيف من هذه الأعراض.
ذهان ما بعد الولادة
أما ذهان أو (جنون) النفاس، فأعراضه تشبه أي مرض ذهاني آخر وتشتمل على الهلوسات والضلالات وفقدان الرشد. وهو يؤدي بواحدة من كل خمسمائة امرأة منجبة إلى الدخول إلى مستشفى الأمراض النفسية، وهو أكثر انتشاراً في الدول النامية، وعادةً ما يبدأ في الأسبوع الثاني بعد الولادة، وغالباً ما يكون وجدانياً وأحياناً فصامياً. هذا ومن الضروري جداً تقييم أفكار الأم الذهانية حول وليدها في فترة المرض للتأكد من عدم إلحاق أي مكروه به من جراء ضلالات الأم.
فمثلاً تعتقد الأم التي تصاب بالذهان الكآبي بأن الطفل مريض جداً وبأنه سيتعذب من شدة الفقر وصعوبة الحياة فتُقْدمُ على قتل وليدها لتجنيبه المعاناة. أما الضلالات الفصامية فقد تُصوِّر لصاحبتها أن الطفل مخلوق شرير وشيطاني وأنه جالب للنحس مما يؤدي بها أيضاً إلى قتله لخلاص البشرية. وفي كلتا الحالتين قد تُقْدم الأم على الانتحار فور استعادة رشدها وإدراكها لما فعلت. لذا يجب إبقاء الأم الذهانية تحت الملاحظة وعدم خلوتها بطفلها إلى أن يتم شفاؤها من كل الضلالات ومن الاكتئاب.
اقرأ ايضا عن قتل الرضع بعد الولادة.
انواع العلاج النفسي المتوفرة
إن للعلاج النفسي والدوائي أثراً فعالاً في علاج هذه الأمراض وتفادي انعكاساتها على الطفل وتطوره الإدراكي والعاطفي، ولكن للأسف لا يتم اكتشاف كثير من حالات كآبة ما بعد الولادة مما يؤدي إلى أن يصبح هذا المرض مزمناً ويُظنُّ خطأً أنه تغيرٌ طبيعيٌ في شخصية المرأة بعد الولادة.
وقد يتردد بعض الأمهات والآباء في قرار قبول العلاج الدوائي خشية إيقاف الرضاعة وهنا تجدر الإشارة إلى أمرين: أن الرضاعة الطبيعية على أهميتها ليست أهم من الصحة النفسية للأم والتي إن لم تعالج فسوف تكون وبالا على الطفل خصوصاً وأن الطفل في هذه المرحلة مرآة لحال أمه.
ومن الجدير بالذكر أن للتحفيز الكهربائي دوراً أحيانا في علاج تلك الأمهات، اللواتي تعانيني من الاضطرابات النفسية ما بعد الولادة، ليتمكنّ من معاودة العناية بأطفالهن بأسرع وقت ممكن. وبالعلاج، يتعافى معظم هؤلاء الأمهات، وقد يعاود المرض ما يقارب 30% منهن في ولادات مستقبلية، لذا ينصح بمتابعتهن من قبل طبيب نفسي قبل الولادة لضمان السيطرة على أعراضهن النفسية قبل تفشيها.
والحقيقة أن للأهل كما لزملائنا في طب النساء والولادة وطب الأطفال وطب العائلة الدور الأكبر في اكتشاف الأمراض النفسية لدى النساء سواءً عند المعاينة الشخصية لهن أو معاينة الأطفال حديثي الولادة، ويستطيع هؤلاء الأطباء معالجة الحالات السهلة من هذه الأمراض وتحويل ما استعصى منها إلى الطبيب النفسي دون تأخر.
اشترك مع منصة حاكيني للاستشارات النفسية اونلاين احصل على إرشادات من خلال برامج للمساعدة الذاتية او قم بالتحدث مع أفضل أخصائي العلاج النفسي، بما يشمل مختصين من المجال الاجتماعي، الزوجي، الاسري وغيرهم للاشتراك من هنا مجاناً.