إن تعليقاً مثل "كم يسعدني أنني أخيرا وصلت إليك، لقد كانت رحلة أليمة جدا مع كافة الأطباء الذين رأيتهم قبلك، فجميعهم سيئون!"
لا يبعث على السرور أبدا لدي كمعالجة ولا أتفاءل أبدا عندما تبدأ العلاقة العلاجية بهكذا تشطير وهو من أهم الحيل الدفاعية التي يستخدمها من يعاني من اضطراب الشخصية الحدية، وأتوقع أن ينقلب هذا الإطراء سريعا إلى التعبير عن الشعور بالخذلان والإفراط بالذم والقدح في أول فرصة يكتشف بها المتعالج أنني لن أقبل تجاوزالحدود وسأؤكد على إطار العلاقة العلاجية.
كبندول ساعة راقص تترنح مشاعر الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية، من أقصى ال" أنا أكرهك" إلى أقصى ال" لا تتركني أرجوك"! ويمضي هذا الإنسان غير مدرك لحقيقة مشاعره وسلوكه، قد يمر بنوبات غضب عارم و بفترات اكتئاب شديدة مع مشاعر مزمنة من الملل والفراغ ويعاني من صورة مشوهة للذات وسلوكيات اندفاعية قد تصل إلى محاولات الانتحار أحيانا.
مدى انتشار اضطراب الشخصية الحدية
يعتبر اضطراب الشخصية الحدية الأوسع انتشارا من بين اضطرابات الشخصية بشكل عام. وتنتمي إلى الفئة الدرامية الانفعالية والتي تشترك مع النرجسية والهستيرية والمعادية للمجتمع بالسلوك الدرامي والعاطفة المفرطة.
وبالرغم من أننا نصادف النساء أكثر من الرجال ممن يعانون من اضطراب الشخصية الحدية في العمل العيادي، إلا أن الدراسات تشير إلى أن نسبة الانتشار لا تختلف كثيرا بين الرجال والنساء. هذا التناقض يوحي بأن النساء المصابات باضطراب الشخصية الحدية أكثر حضورا للحصول على علاج الشخصية الحدية من الرجال.
يتم تشخيص أكثر من 90٪ من الشخصيات الحدية أيضًا باضطرابات شخصية أخرى، وخاصة الشخصية التجنبية والمعتمدة والنرجسية. يعاني أكثر من نصفهم من الاكتئاب الشديد وأكثر من ثلاثة أرباعهم من اضطراب القلق في وقت ما من حياتهم، كما قد يصابون بنوبات ذهانية صغيرة واضطرابات الأكل والإدمان.
ما يميز اضطراب الشخصية الحدية؟
- أكثر ما يميز اضطراب الشخصية الحدية هو صعوبات في تنظيم العاطفة، مما يعني أن الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب يشعرون بالعواطف بشكل مكثف ولفترات طويلة من الزمن، ومن الصعب عليهم العودة إلى هدوئهم النفسي بعد حدث مثير للمشاعر و يوصفون بأنهم يفتقدون إلى "الجلد العاطفي" من فرط الانفعال.
- وتؤدي الاندفاعية والعلاقات العاصفة والمزاجية المتطرفة الى درجة كبيرة من عدم الاستقرار في العلاقات وانعدام الأمان والخوف من الهجران، وتدني الشعور بالذات وانتقادها. ومن الممكن أن يؤدي الصراع في التحكم في الذات إلى سلوكيات خطرة كإيذاء النفس.
- كما أن هناك عدم ثبات ملحوظ ومستمر في الهوية والصورة الذاتية. فالأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية في كثير من الأحيان ليس لديهم فكرة عن من هم أو ما يؤمنون به. فهم يغيرون أهواءهم واهتماماتهم ومعتقداتهم اعتمادًا على ظروفهم وما يعتقدون أن الآخرين يريدونه منهم. بالطبع ، يغير كل شخص سلوكه إلى حد ما في سياقات مختلفة ، ولكن في اضطراب الشخصية الحدية ، يكون هذا التحول أكثر عمقًا ووضوحا.
- ويعاني العديد من الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية من صعوبة في إنشاء والحفاظ على حدود شخصية صحية ويواجهون تحديات في علاقاتهم الشخصية لأنهم لايدركون المكان الذي تنتهي فيه حدودهم وتبدأ حدود الشخص الآخر.
- وكغيره من الاضطرابات فإن اضطراب الشخصية الحدية متعدد الأسباب و توصف الدفاعات الحدية بأنها بدائية أو غير ناضجة. من الأمثلة على ذلك: التشطير (التناوب بين التأليه والشيطنة للاخر) والتماهي الإسقاطي (عزو الدوافع غير المقبولة إلى الآخرين واستخراج سلوكيات من طرفهم تبرر هذا العزو، على سبيل المثال ، الاستياء يجعل شخصًا آخر معاديًا، والعداء يؤكد أن الاستياء له ما يبرره).
اقرأ أيضا عن كيفية التعامل مع الشخصية الحدية.
متى تنشأ الشخصية الحدية؟
بحسب النظرية التحليلية تنشأ الشخصية الحدية عندما تسحب الأم الحب من طفلها لأنها لا تستطيع تحمل حاجة الطفل إلى الانفصال عنها وإقامة هويته المستقلة. لا يطور الطفل أبدًا القدرة على تذويت تجربته مع الأم باعتبارها جيدة وسيئة في آن معا. ثم يتم نقل هذا النموذج إلى علاقات أخرى في وقت لاحق في الحياة. شخص بالغ لديه شخصية حدية لا يزال غاضبًا من الأم السيئة ، ولا يزال أيضا يخشى من تخلي وهجران الأم الصالحة له ، وقد يجد الآن هذه المعضلة مجسدة في أي شخص يتفاعل معه.
ويعتقد البعض أن إساءة معاملة الأطفال وليس مجرد الإهمال هو السبب في اضطراب الشخصية الحدية. ولكن لم تكتشف جميع الدراسات ارتفاع معدل سوء معاملة الأطفال في الشخصيات الحدية، وهناك خطر من تعزيز الذكريات المشوهة لدى الأشخاص الذين يميلون بالفعل إلى تبرير سلوكهم من خلال التنديد بالآخرين، يعتقد معظم الخبراء أنه على الرغم من أن إساءة معاملة الأطفال وغيرها من الأحداث الصادمة قد يكون لها بعض التأثير على أعراض الشخصية الحدية، إلا أن هذه التجارب ليست وحدها سببا لاضطراب الشخصية الحدية.
كما وترتبط الشخصية الحدية باضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الشديد من خلال إحدى ميزاتها المركزية، وهي عدم القدرة على التحكم في التغيرات المزاجية المفاجئة. من الصعب القول ما إذا كانت الشخصية تسبب اضطرابات مزاجية أو أن الاضطرابات المزاجية تشكل تفكيرا وسلوكا يوصفان على أنهما سمات شخصية، كسهولة الاكتئاب و شدة الحساسية للخسارة والتطلب العاطفي. توصف الشخصية الحدية كشكل متنكر من اضطراب المزاج، وربما ترتبط بالاكتئاب غير النمطي أو اضطراب ثنائي القطب سريع التدوير.
لقد تم اقتراح أن جميع أعراض الاكتئاب والهوس والشخصية الحدية يجب أن تُجمع معًا كاضطراب طيف ثنائي القطب.
إضغط هنا لقراءة كيف نتعامل مع ذوي الشخصية الحدية
اشترك مع منصة حاكيني للاستشارات النفسية اونلاين احصل على إرشادات من خلال برامج للمساعدة الذاتية او قم بالتحدث مع أفضل أخصائي العلاج النفسي، بما يشمل مختصين من المجال الاجتماعي، الزوجي، الاسري وغيرهم للاشتراك من هنا مجاناً.