اكتشف عالم النفس البريطاني جون بولبي في ستينيات القرن الماضي بوجود علاقة خاصة وشديدة ومتميزة تنشأ بين الطفل وبين شخص واحد فقط من القائمين على رعايته، والتي غالباً ما تكون الأم، هذه العلاقة تختلف عن علاقة الحب الاعتيادية لكل الذين حول الطفل. وبعد الدراسات العديدة على الراشدين اكتشف الباحثون بأن حالة الحب الخاصة التي تنشأ بين العشاق هي مشابهة لتلك الحالة وتنطبق عليها، هذه العلاقة الخاصة تعمل على تشكيل وعي الطفل بمشاعره تجاه نفسه ما يمكنه من تنظيم الجانب العاطفي من شخصيته، وتجاه الآخرين ما يمكنه من تعلم كيفية إقامة علاقات معهم.
حتى تحقق هذه العلاقة التي تربط الطفل بمقدم الرعاية ما ذكرناه سابقا، يجب أن يكون لدى مقدم الرعاية إدراك ووعي حول تقديم هذه الرعاية بكفاءة وبشكل مدروس، عكس ذلك سيقود الطفل إلى التعلق بمقدم الرعاية الخاصة به تعلق غير صحي أو آمن ما يجعله عرضة للإصابة باضطراب التعلق. على ذلك نستعرض لكم في هذا المقال التعريف باضطراب التعلق لدى الأطفال وأنماطه.
ما هو اضطراب التعلق لدى الأطفال؟
تبدأ العلاقة التي تربط الطفل بمقدم الرعاية الأساسي له -والذي غالبا ما يكون أحد الوالدين- منذ وجوده في رحم أمه، ويكون لهذه العلاقة تأثير كبير على تطور الطفل ذهنيا. عندما يكون الطفل في مرحلة الرضاعة إن تم تلبية احتياجاته العاطفية على أتم وجه يكون الطفل أمام ارتباط آمن مع مقدم الرعاية، وإن تم العمل على إهمال الطفل عاطفيا وذلك نظرا للأوضاع المادية الصعبة لوالديه وعدم قدرتهم على تلبية احتياجاته أو إذا كان لدى الطفل مشاكل في صحته العقلية، يكون بذلك أمام ارتباط غير آمن مع مقدم الرعاية. يحدث اضطراب التعلق عندما يكون التعلق الذي يربط الطفل بمقدم الرعاية غير آمن والذي ينعكس على هيئة أعراض أو سلوكيات يقوم بها الطفل تجاه من حوله.
أعراض اضطراب التعلق لدى الأطفال.
- تجنب الاتصال الجسدي أو البصري مع من حولهم.
- البرود العاطفي وعدم الاكتراث لمسألة العواطف والمشاعر.
- تجتاحهم نوبات من الغضب.
أنواع التعلق في مرحلة الطفولة.
1. التعلق الآمن والغير آمن.
التعلق الآمن وفيه يكون الطفل متأكد من أن مقدم الرعاية سيكون موجود ومتجاوب ومتعاون عند احتياجه لها، أي أن مقدم الرعاية يكون ودود ولطيف مع الطفل. على عكس ذلك يكون التعلق الغير آمن، الذي يكون فيه الطفل محروم من مشاعر الأمومة والأبوة حتى وإن كان يعيش مع أسرته، لا يكون لدى مقدم الرعاية القدرة على منح طفله الرعاية والحب الذي يحتاج إليه، ما يجعل طفله دائم القلق والخوف من الانفصال عن مقدم الرعاية ويميل للتشبث الزائد به، هذا يجعل الطفل أيضا قلق حيال استكشاف العالم الخارجي.
2. التعلق القلق.
وهو التعلق الذي يشعر فيه الطفل بقلق دائم من البعد عن مقدم الرعاية أو فقدانه، وهذا ينعكس على علاقة الطفل عندما يكبر بشريك حياته، فيكون دائم القلق والتوتر من فقدان الحبيب أو الزوج. ويكون لدى النساء أكثر من الرجال.
3. التعلق التجنبي.
هو نتيجة من نتائج التعلق الغير آمن الذي يعطيه مقدم الرعاية للطفل ما يجعله يكبر وهو متجنب للتفاعل مع من حوله، وهذا ينعكس عليه عندما يكبر بأن يصبح متجنبا للعلاقات العميقة، حتى وإن تزوج تبقى علاقته سطحية مع الشريك. وهو شائع بين الأولاد والرجال أكثر من النساء.
4. التعلق الخائف.
وهو التعلق الذي يجعل الشخص يحب الاقتراب ممن حوله لكن ما إن يشعر باقتراب الآخر فإنه يخشى هذا الاقتراب ويبتعد.
يجب أن ندرك كأهل أن مرحلة الطفولة هي مرحلة مفصلية في حياة أبنائنا، وتبقى راسخة في ذاكرتهم مهما كبروا وكل ما يحدث فيها ينعكس على شخصيتهم. لذلك علينا أن نخوض في هذه المرحلة بوعي وإدراك، ما يجعلنا نمنحهم كافة المشاعر اللازمة لسد احتياجاتهم العاطفية واحتوائهم قدر الإمكان. على أن نقوم بذلك بالشكل المطلوب وضمن ما هو طبيعي دون زيادة أو نقصان من شأنه أن يجعلهم مصابون باضطراب التعلق.
للتعرف أكثر على موضوع اضطراب التعلق عند الأطفال حمل تطبيق الصحة النفسية من حاكيني على الجوجل بلاي والاب ستور، وقم بتسجيل في موقع حاكيني للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية.