في كثير من الأحيان يتبادر لأذهاننا لماذا تكون ردود أفعال بعض الأشخاص تجاه المواقف الصعبة في غاية السلبية أو التفاهة، إذ كيف لموقف بسيط أن يجر صاحبه للإصابة بالاكتئاب أو الإدمان أو حتى فقد قواه العقلية. ببساطة يمكننا القول كما للجسم مناعة تحميه من الأمراض الجسدية، هو أيضا لديه مناعة نفسية لتحميه من الاضطرابات والأمراض النفسية. وهذه المناعة متفاوتة بين البشر بعض الأشخاص يكون لديهم مناعة نفسية عالية وقوية تمكنهم من مواجهة الظروف الصعبة، والبعض الآخر يستسلموا لهذه الظروف. في هذا المقال سنعمل على تعريفك بمفهوم المناعة النفسية ، وكيف يمكنك العمل على تعزيزها لديك.
ما هي المناعة النفسية؟
تعني المناعة النفسية وجود نمط تفكير يمكنك من التحلي بقدر من المرونة، والقدرة على التكيف مع أي مواقف تعرضك لضغوط نفسية، مهما كانت طبيعة هذه الضغوط مهنية، اجتماعية، عاطفية أو غير ذلك. المرونة التي تمكنك من تنظيم ردود أفعالك تجاه تلك المواقف، وتمكنك من النظر للأمور بشكل أوسع ولا تنظر لها من منظور ضيق، مما يعني تكريس جهودك الفكرية لإيجاد حل للمشكلة بدلا من الانفعال عليها. هذا بدوره يخلق منك شخص صلب قادر على حل المشاكل وتجاوز تأثير الأوقات العصيبة.
أعراض نقص المناعة النفسية:
- الشعور بالأرق تجاه أقل المواقف تأثيرا وخطرا.
- انعدام مهارات التواصل الجيد والفعال مع محيطك.
- التفكير والقلق المستمر بشأن تصورات من حولك عنك، لدرجة تعريض نفسك للاحتراق النفسي لقاء إرضائهم.
- التفكير بشكل مبالغ فيه حول تداعيات كل موقف تتعرض له.
- ضعف القدرة على تحقيق أهدافك.
- تنتابك العديد من المشاعر التي تجعلك دائما في حالة تأهب لإحداث جدال أو مشكلة.
كيف تكتسب المناعة النفسية؟
- السعي لخلق علاقات اجتماعية: الخوض في علاقات فيها حب، قبول، تشجيع، ومساندة من أهم عوامل المناعة النفسية، الإنسان كائن اجتماعي لا يمكنه عيش حياة طبيعية وسوية وهو منعزل عن محيطه. لذلك من المهم السعي لخلق علاقات اجتماعية تقف بجانبك في الأوقات الصعبة مما يعزز من مناعتك النفسية.
- تحلى بالمرونة: المناعة النفسية القوية تتمثل في قدرتك على المرونة، والتأقلم مع الظروف التي لا تسير بالشكل الذي تريده، عليك أن تتعلم كيف تتأقلم وأن تصنع طريقك كما تريد بالخيارات التي تريدها، وأن تدرك بأن التجربة مهما كان ثمنها مرتفع كفيلة بأن تخلق منك إنسان متقبل للخسارة والظروف الصعبة، وقادر على التعامل معها بمناعة نفسية عالية.
- حدد خطط واقعية وخد خطوات واضحة لتحقيقها:جزء مهم في مهارات الصلابة النفسية أن يكون لديك القدرة على استيفاء حقك وتحديده دون أن تكون عنيف أو سلبي، ما يمكنك من تحديد أهدافك والإمكانيات الواقعية المتاحة لتحقيقها، واتخذ خطوة حقيقية تجاه ذلك دون إغراق نفسك بالأمنيات وأحلام اليقظة.
- التواصل بفاعلية مع الآخرين: يعد التواصل من أهم المهارات التي يجب أن يكتسبها الإنسان، لأنها تمكنه من فهم ذاته ومن حوله بشكل أوسع وأفضل. وتعلمه كيف ينظر للأمور من عدة زوايا وعدة وجهات نظر ما يمكنه من تعلم حل مشاكله بشكل أفضل، واكسابه مناعة نفسية كبيرة.
- أن يكون لديك القدرة على إدارة مشاعرك: عندما تكون قادر على فهم مشاعرك، احترامها، تقديرها وتعريفها لمن حولك، سيكون لديك القدرة على إدارتها في الظروف الصعبة، وخلق مناعة نفسية تمكنك من التحكم بغضبك وانفعالك وإدارة أي نزعة مندفعة لديك.
- تحلى بالثقة في النفس: صحيح أنه ليس بالأمر اليسير، ولكن تأكد أنك قادر على تحقيق ذلك عندما تتعلم أن تنظر لنفسك بإيجابية، وبأنها قوية قادرة على مواجهة الصعاب والسعي وراء طريق النجاح مهما كان بعيدا. هذا الشعور يولد لديك مناعة نفسية أمام أية صعب تواجهها.
- اخلق لحياتك هدف ومعنى: جزء مهم من تحقيق المناعة النفسية ألا تنظر للمواقف التي تواجهها بشكل سطحي بل أن تنظر لما يكمن خلفها، أي أن تنظر لما كانت تعنيه وما الغاية من تحققها. يتحقق ذلك بشكل أفضل عندما يكون لديك مجموعة من المعتقدات والمبادئ التي تؤمن بها وتحاكم من تواجهه من ظروف على أساسها هذا بحد ذاته قادر أن يخلق لك مناعة نفسية تجاه أي شيء.
من المهم أن تدرك بأن الحياة ماهي إلا لوحة فسيفساء مليئة بالتفاصيل، وفيها الأبيض والأسود والكثير من الألوان. عليك أن تكون قادر على النظر لهذه اللوحة بشكلها الكلي الكامل حتى تتمكن من إدراك المعنى وراءها، ومهما كانت التفاصيل مهمة لا تجعلها تأخذ الحيز الكبير والكامل من تفكيرك.
في الختام لابد من أن نشير أن هناك اختلافات جينية ووراثية بين البشر تحدد درجة حساسيتهم وشعورهم بالألم، قدرتهم على البكاء، ودرجة احتمالهم للإحباط. لكن في الحقيقة لا يقتصر الأمر على تلك العوامل، إنما أيضا تعد البيئة والتربية عوامل محورية في تحديد حجم وشكل المناعة النفسية التي نتمتع بها، إذا كانت صارمة أو عنيفة من المؤكد أنها ستنتج أشخاص بمناعة نفسية معدومة.
من المهم عند التفكير في مساعدة من حولنا على تجاوز أي ظروف صعبة أو حتى اضطرابات نفسية: كالاكتئاب، الوسواس القهري، أو الفصام، لا يجب أن نكرس جهودنا فقط على معالجة أعراض هذا الاضطراب، إنما أيضا التفكير في طريقة لتعزيز وتقوية المناعة النفسية لديه، حتى لا يتعرض بمجرد معالجة أعراض ما يعانيه من انتكاسة أو تهديد أو خطورة الوقوع في اضطراب آخر.
للتعرف أكثر على موضوع المناعة النفسية حمل تطبيق الصحة النفسية من حاكيني على الجوجل بلاي والاب ستور، وقم بتسجيل في موقع حاكيني للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية.