الشخصية الانطوائية واحدة من أبرز سمات الشخصية التي تثير اهتمام الكثيرين، فبينما يميل بعض الأفراد إلى التفاعل الاجتماعي، يُفضل البعض الآخر الهدوء والانعزال، حيثُ يوجد بعض الأشخاص الذين يستمتعون في قضاء الوقت بمفردهم أو مع كتابهم على الانخراط في النشاطات الاجتماعية، لذلك فإن فهم الشخصية الانطوائية ليس مجرد تصنيف للأفراد، بل هو رحلة عميقة في أعماق النفس البشرية. 

عندما تسمع مصطلح الشخصية الإنطوائية فإنك تُفكر في شخص خجول وهادئ جدًا عكس الشخصية الاجتماعية الودودة، لكن الشخصية الإنطوائية أكثر من ذلك بكثير، لذا دعنا نتعمق من خلال موقع حاكيني للاستشارات النفسية حول مفهوم الشخصية الانطوائية و صفاتها و أسباب الشخصية الانطوائية ، و مميزات وعيوب الشخصية الانطوائية وصولا إلى علاقته بالذكاء وعلاج الشخصية الانطوائية 

ما هي الشخصية الانطوائية 

الشخصية الانطوائية هي نمط شخصي يتميز بتوجيه الطاقة نحو العالم الداخلي بدلاً من العالم الخارجي، حيثُ أن الأشخاص الانطوائيون يستمدون طاقتهم من الهدوء والتأمل والأنشطة الفردية، ويجدون صعوبة كبيرة في التفاعل الاجتماعي والاجتماعات الكبيرة المتكررة ويحتاج إلى وقت ليعيد شحن طاقته من خلال العزلة المؤقتة أو الأنشطة الفردية، ذلك لا يعني أنهم يعانون من مشاكل اجتماعية، بل يُفضلون شكلاً مُختلفًا من التفاعل حيثُ يستمتعون بقضاء الوقت مع شخص أو شخصين فقط، بدلاً من المجموعات الكبيرة أو الحشود.

من المهم أن نفهم أن أصحاب الشخصية الإنطوائية لا يعانون من أي إضطراب نفسي بل سمة شخصية تؤثر على كيفية تفاعل الفرد مع محيطه وطاقته الداخلية. 

صفات الشخص الانطوائي 

 يتميز أصحاب الشخصية الإنطوائية بمجموعة من الصفات المميزة، والتي قد تختلف من شخص لآخر ولكنها تشترك في بعض الصفات العامة ومنها:

• التفكير العميق

أول صفة من صفات أصحاب الشخصية الانطوائية هي التفكير العميق بالأمور بعمق وتحليلها قبل التصرف بأي تصرف، و يأخذون الوقت الكافي لاتخاذ القرارات الخاصة بهم. 

• الوعي الذاتي 

يميل الانطوائيون إلى الاستمتاع بالتفكير في الأشياء من حولهم، ويكون لديهم وعي ذاتي من خلال فهم شخصيتهم بشكلٍ عميق حيثُ أنهم يخصصون قدرًا كبيرًا من الوقت لمعرفة المزيد حول أنفسهم و أسباب تصرفاتهم و تحليل المواقف التي تواجههم. 

يُعد الوعي الذاتي وتقبل الذات أمرًا مهمًا لأصحاب الشخصية الإنطوائية، لذلك غالبًا ما يخصصون قدرًا كبيرًا من الوقت لمعرفة المزيد عن أنفسهم.

• الاستمتاع بالعزلة 

الشخصية الإنطوائية تستمتع بقضاء الوقت لوحدها، حيثُ أنهم يريدون الاستمتاع باهتماماتهم لوحدهم مثل: قراءة كتاب أو المشي في الطبيعة أو مشاهدة مسلسل لوحدهم… هذا لا يعني أن الانطوائيين يريدون أن يكونوا بمفردهم طوال الوقت، بل يحبون قضاء الوقت مع الأصدقاء و التفاعل معهم لكن بعد كل مرة يحتاجون إلى فترات من العزلة لإستعادة طاقتهم الداخلية. 

• الخيال الجيد 

يتميز الانطوائيين عادةً بامتلاكهم خيالًا قويًا وكونهم جيدين في التصور فإن ذلك نابع من جلوسهم وانعزالهم وقدرتهم على التفكير العميق، لذلك نجد أن أصحاب الشخصية الإنطوائية هم من المُفكرين، الكُتاب و الفنانين. 

• التركيز على الطاقة 

غالبًا ما يركز أصحاب الشخصية الإنطوائية على الأفكار والمشاعر الداخلية و يكتسبون الطاقة منها، ويمكن رؤية هذا التركيز في استمتاعهم بقضاء الوقت في القيام بأنشطة منفردة وتفضيلهم للبيئات الأكثر هدوءًا والتي لا تسبب التحفيز المفرط، من المرجح أن يجدوا أن التفاعل الاجتماعي المكثف مرهق وليس منشطًا.

يُمكنك إجراء اختبار الشخصية الإنطوائية والإجتماعية لمعرفة إذا كُنت من أصحاب هذه الشخصية أم لا خلال 5 دقائق فقط. 

أسباب الشخصية الانطوائية 

لا يوجد سبب محدد يجعل الفرد من أصحاب الشخصية الانطوائية لكنها عدة عوامل وراثية و بيئية تتداخل فيما بينها وتعمل على تشكيل الشخصية الانطوائية وهي: 

أولاً: العوامل الوراثية

تشير الدراسات إلى أن الجينات الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد ما إذا كان الشخص انطوائيًا أم اجتماعيًا، حيثُ وجد الباحثون أن الانطوائيين لديهم تدفق دم أعلى إلى الفص الجبهي لديهم مقارنة بالاجتماعين وتتفاعل أدمغة الانطوائيين أيضًا بشكل مختلف مع الدوبامين عن أدمغة الاجتماعيين. 

ثانيًا: التنشئة الاجتماعية

بالتأكيد تلعب تربية الأطفال دورٌ مهم في تنشئة الشخصية الإنطوائية أو تنشئة الشخصية الاجتماعية المُنفتحة حيثُ أن الأهل الذين يربون طفلهم في بيئات هادئة بعيدة عن التشتت و لا يحفزونه للانخراط في أي نشاطات اجتماعية، فإنهم يميلون إلى أن يكون من أصحاب الشخصية الإنطوائية ، وقد تعزز التربية المحافظة على تطور السلوك الانطوائي للفرد أيضًا. 

ثالثًا: التجارب الشخصية

تجارب الفرد الشخصية تُعتبر من العوامل البيئية التي تؤثر على ظهور الشخصية الانطوائية لدى الفرد، حيثُ أن التجارب الحياتية السلبية مثل التنمر أو الرفض الاجتماعي وغيرها من الأساليب السلبية تجاه الفرد، يمكن أن تؤدي إلى تكوين شخصيات انطوائية بسبب رغبة الشخص في تجنب هذه التجارب مجددًا.

رابعًا: التجاهل 

عندما يواجه الفرد بيئة وأشخاص يتجاهلونه باستمرار، ويتجاهلون آرائه، أو أي شيء يقوله، فإن ذلك يتسبب بإعتقاده بأنه من الأفضل أن يتحدث أقل، ويجب أن يُفكر قبل أن يقول آرائه، مما يُضعف من مهارات التواصل لديه، لذلك يغلب عليه أن يكون من أصحاب الشخصية الإنطوائية  

مميزات وعيوب الشخصية الانطوائية 

غالبًا عندما تُفكر بمصطلح الشخصية الإنطوائية فإنه يغلب على تفكيرك العيوب فقط دون وجود أي مميزات، لكن الشخصية الانطوائية تحمل لصاحبها المميزات أيضًا، فما هي هذه المميزات والعيوب؟ 

أولاً: مميزات الشخصية الانطوائية 

• التركيز 

يتميز أصحاب الشخصية الانطوائية بقدرتهم على التركيز بعمق على المهام التي بين أيديهم لفترات طويلة دون انقطاع، ولا يسمحون لأي شيء بتشتيت انتباهم، مما يُساعدهم على التميُز و الابتكار في مجالهم أو في المجالات التي تتطلب التفكير العميق، 

•  الإبداع والخيال 

غالبًا ما يكون الانطوائيون مبدعون للغاية، وقادرون على التوصل إلى حلول فريدة لمشاكل معقدة واستخدام خيالهم الحي للتوصل إلى أفكار جديدة، وذلك بسبب قضائهم ساعات طويلة بمفردهم، مما يسمح لهم باستكشاف أفكارهم الخاصة وتطوير خيالهم. 

• التفكير المستقل

الأفراد الذين تكون لديهم الشخصية الإنطوائية يكونوا مُستقليين فكريًا و لايؤثر عليهم أحد، وقادرين على اتخاذ القرارات بأنفسهم بناءً على تفكيرهم العميق وخيالهم الخصب، خصوصًا لأنهم يتمتعون بالاكتفاء الذاتي يمتلك الأشخاص الانطوائيون استقلالية في التفكير ويميلون إلى اتخاذ القرارات بناءً على تحليل منطقي ودقيق.

• علاقتهم الاجتماعية جيدة

أصحاب الشخصية الإنطوائية لا ينفتحون على المجتمع والصداقات بسهولة، لكنهم يقومون باختيار أصدقائهم بكل دقة وعناية، ولذلك تكون علاقاتهم الإجتماعية ممتازة مع عدد قليل من الأشخاص الذين يثقون بهم وتكون محادثاتهم عميقة. 

 

• الاستماع والمراقبة لديهم ممتازة 

كل شخص يمتلك الشخصية الإنطوائية، فإن لديه ميزة الاستماع والمراقبة القوية، لأنهم يأخذون وقتهم الكافي للاستماع حقًا لما يقوله الناس، مع التأكد على فهم ذلك جيدًا، هذا الشيء يمنحهم الرد بطريقة مُناسبة ويضعون الحلول للمشكلات بطريقة ممتازة.  

• الراحة 

واحدة من أكبر مزايا كونك تتمتع بـ الشخصية الإنطوائية هي الراحة التي تأتي من العزلة والاستقلال، عادة ما يشعر الانطوائيين بالراحة لقضاء الوقت بمفردهم ولا يعتمدون على التحفيز الخارجي للسعادة أو الرضا، هذا يمنحهم شعورًا بالحرية لمتابعة مصالحهم وأهدافهم، لأنهم لا يحتاجون إلى طلب موافقة من الآخرين من أجل الشعور بالرضا والاستمتاع. 

ثانيًا: عيوب الشخصية الإنطوائية

• التحديات الاجتماعية

من لديه الشخصية الإنطوائية يجد صعوبة في التفاعل الاجتماعي أو التواصل في المواقف الكبيرة، مما يؤثر على قدرة الفرد على الاتصال والتواصل في أماكن العمل المهنية، وذلك بسبب حاجتهم للعزلة، و هم أيضًا يجدون صعوبة كبيرة في التعبير عن أنفسهم بثقة خلال الاجتماعات. 

• الحساسية المُفرطة 

قد يكون الشخص الانطوائي أكثر حساسية تجاه الانتقادات أو المواقف الاجتماعية السلبية، مما يؤثر على ثقته بنفسه،. عادة ما يأخذ الانطوائيين الملاحظات على محمل الجد… اختبرّ حساسيتك من خلال اختبار الشخصية الحساسة مع حاكيني للإرشاد النفسي.

• تفويت الفرص 

الشخصية الإنطوائية يفوت الفرص بسبب عدم التحدث عن أنفسهم، وعدم التعبير عن آرائهم في الاجتماعات والمحادثات المُهمة وبالتالي عدم قدرة الآخرين للتعرف على مهاراتهم وخبرتهم. 

• الوحدة

 أظهرت الأبحاث أن من يمتلك الشخصية الإنطوائية يعانون من الوحدة أكثر بكثير من الاجتماعيين، و يمكن أن يكون للوحدة عدد من الآثار السلبية على الصحة العقلية والجسدية حيثُ أن الاستمتاع بوقتك بمفردك أمر جيد، ولكن حاول ألا تعزل نفسك عن العالم الخارجي.

• العواطف السلبية

أصحاب الشخصية الإنطوائية لديهم العديد من المشاعر السلبية، بما في ذلك الحزن الشديد والتشاؤم وقلة التحكم العاطفي. 

• التفكير الزائد 

إحدى عيوب الشخصية الإنطوائية هو الميل نحو الإفراط في التفكير بالأمور، و قد يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى أنماط تفكير سلبية، حيث قد يبدأون في التركيز على عيوبهم أو القلق بشأن المستقبل مما يزيد من مستويات التوتر والقلق. 

الشخصية الانطوائية و الذكاء 

غالبًا ما يتم الربط بين أصحاب الشخصية الإنطوائية والذكاء، وذلك بسبب سمات أصحاب الشخصية الإنطوائية، حيث يتمتع الأشخاص الانطوائيين بالقدرة على التفكير العميق، التحليل، والتأمل، وهي خصائص ترتبط غالبًا بالذكاء. بالإضافة إلى ذلك، لديهم القدرة على التركيز العميق لفترات طويلة مما يمكنهم من التفوق في المدارس والمهام الأكاديمية والمهنية. 

لكن لا توجد علاقة مباشرة بين الانطواء والذكاء، فالذكاء هو قدرة عقلية شاملة تتضمن مجموعة متنوعة من المهارات، مثل القدرة على التفكير النقدي وحل المشكلات والإبداع، ويمكن أن يكون الأشخاص الانطوائيين والاجتماعيين أذكياء على حدٍ سواء حيثُ أن الشخص الانطوائي يميل إلى التفوق في المجالات التي تتطلب العمل الفردي، بينما يتميز الشخص الاجتماعي في المجالات التي تتطلب تفاعلاً اجتماعيًا أكبر

علاج الشخص الانطوائي 

الشخصية الإنطوائية لا تتطلب علاجًا بالمعنى التقليدي، لأن الإنطواء ليس مرضًا أو إضطراب نفسي، بل هو سمة شخصية طبيعية،  ومع ذلك، إذا كان الانطواء يعيق حياة الشخص الاجتماعية أو المهنية، يمكن أن تكون هناك بعض الطرق لتحسين أصحاب الشخصية الإنطوائية

• العلاج السلوكي المعرفي

 يُساعد هذا النوع من العلاج على تغيير الأفكار السلبية حول التفاعل الاجتماعي وتطوير مهارات جديدة.

• التدريب على المهارات الاجتماعي

العلاج الجماعي يُساعد أصحاب الشخصية الإنطوائية إلى التفاعل مع الآخرين بثقة كبيرة في بيئة داعمة وهنا يتم تدريبهم على المهارات الاجتماعية بطريقة تدريجية وفق قدرتهم على الاستماع مع مراعاة صفاتهم الشخصية…يُمكنك معرفة أوقات ورشات العمل و الندوات في حاكيني للمشاركة بها من خلال الواتساب عبر الضغط هُنا

• العلاج النفسي 

يُستخدم العلاج النفسي أو جلسات الاستشارات النفسية في علاج الشخصية الإنطوائية و يكون العلاج بالحوار فعال من خلال المحادثة العميقة مع الأخصائيين المهنيين الذين يتعاملون باحترافية لمعالجة الشخصية. 

في الختام، تُعتبر الشخصية الإنطوائية جزء طبيعي من التنوع البشري في المجتمع، لذلك لا ينبغ أن ننظر لها على أنها عيب أو ميزة، بل هي طريقة مُختلفة للتفاعل مع المجتمع، مع توجيه الفرد نحو الإنضمام إلى مواقع الإرشاد النفسي مثل حاكيني و تنزيل التطبيق الخاص بهم للانضمام إلى برامج المُختلفة وتحسين الصحة النفسية للفرد بشكلٍ عام.