رأي الاخرين عنك يدل عليهم وليس عليك، فإذا سألت عشرة أشخاص عن رأيهم بك سوف تحصل على عشرة أجوبة مختلفة، لأن رأي الاخرين متعلق بشخصيتهم، طرق تفكيرهم، ومصالحهم، فلا تعطي وزن كبير لتقييم الناس لك، لأن رأي أي إنسان في أي ظاهرة ليس تصوير فوتوغرافي، فعقل الإنسان مبدع يقتطع المكونات الخاصة، ويكون صورة معينة ويصف مشهد معين على أنه حقيقة، لكنه ليس حقيقة وإنما إدراك ذاتي لهذه الظاهرة.
هكذا طبيعة عمل العقل البشري، نحن نعتقد أن إدراكنا هو تصوير فوتوغرافي للواقع، لكن هذا غير صحيح، فإدراكنا هو عمل إبداعي، يقتطع أجزاء من الواقع وأحيانا يضيف أجزاء أخرى، وهذا طبعا يؤدي بدوره إلى تغيير الصورة كاملة.
رأي الآخرين عنك والتعامل معه
إذا كان الامر هكذا أي كما أشرنا سابقا، إذا لماذا نعطي أهمية لرأي الاخرين بنا؟، ذلك لأن رأي الآخرين بنا هي مادة نستفيد منها لكي نفهم الاخر وليس ذاتنا، إذا كنا نستطيع أن نأخذ رأي الاخرين بهذا الشكل أي أنه يدل على المتكلم نفسه هذا يعطينا هدوء نفسي، لذلك نرى أنه في العلاقات الإنسانية يوجد أكثر من شيء واحد صحيح، لكن الكثير من الأشخاص يعتقدون أن هنالك شيء واحد صحيح فقط.
عندما نتعامل على أن هنالك أكثر من شيء واحد صحيح، يصبح لدينا هدوء نفسي أكبر ونسمح للاخر أن يفكر بطريقته، مثال ذلك: العلاقة بين الأهل وأبنائهم الشباب، فالشباب يعتقدون أنه يحق لهم السهر لساعات متأخرة لكن الاهل في المقابل لهم وجهة نظر مختلفة.
أو في العلاقات الزوجية، فالزوج يرى أن بقائهم في العيد عند أهله هو التصرف الصحيح، لكن الزوجة تظن أن بقائهم عند أهلها هو التصرف الصحيح، هذه النقاشات لا تنتهي بالتوصل إلى حل متفق عليه، فهناك طرف يعتقد أنه المظلوم طالما هو يرى أنه يوجد جانب واحد صحيح.
الاعتراف بآراء الاخرين تجاهنا
عقول الناس حتى العقل الجماعي يطوع ويقتطع الواقع بما يناسب مصالحه، أهمية هذا لنفسية الإنسان تكمن بأنه إذا اعترفنا في الرأي الاخر المختلف وأعطيناه الشرعية، سوف نعيش في أجواء يسودها التعددية، السلام النفسي، وسوف تكتشف أنه بإمكان شخصين أو أكثر من شخصين العيش في هذه الدنيا رغم الاختلاف، فإذا اعترفوا بوجود أكثر من امر صحيح، سوف يصبح ذلك إثراء للعلاقة وليس مصدر للخلاف.
كيف علي ان اتصرف تجاه اراء الاخرين؟
دائما هناك بدائل يمكن للشخص أن يتخذها أمام الشخص الآخر، في الأساس عندما نقبل أن يكون هنالك أكثر من شيء واحد صحيح ونفهم أن رأي الآخرين فينا هو رأي يدل عليه وليس عليك، هذا يعمل على تحريرك من الضغط النابع من الرأي الآخرين، ويجعل نقاشك مع الآخرين نقاش هادئ وموزون وبتالي يمكن أن يكون مقنع أكثر، بالطبع هذا لا يعني أن نستسلم أمام الظروف، فإذا كانت الظروف ليست تحت سيطرتك عد إلى نفسك واسأل نفسك ماذا سوف تفعل مع هذه الظروف؟
وهذا ليس استسلام لراي الاخرين، بل على العكس، هذا موقف ثوري أمام الظروف، وعندما تتخذ لنفسك حق اتخاذ القرار وتسلك ما تراه مناسبا أمام هذا الرأي، احتمال أن يكون تغير الشخص الآخر أكبر بكثير، عمليا هذه هي الطريقة لتغيير الآخر وهي عن طريق عدم محاولة تغييره، بل أن تقرر لنفسك ماذا تفعل وتبدأ بالتصرف بشكل مختلف عن ما يتوقع الآخر، وقتها سوف يعيد الشخص الاخر النظر ويبدء تغيير طريقة تفكيره تجاهك.
قم بتسجيل في موقع حاكيني للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية.