توتر الأطفال …مصطلحٌ يبدو غريبًا عنك، ويجعلك تتسائل هل الأطفال حقًا يتعرضون للتوتر بطريقة صعبة؟ هل يؤثر ذلك على صحة الطفل الجسدية والنفسية؟
إننا نعيش جميعًا في زمن من التقدم المعاصر الذي يؤثر على حياة الكبار نفسيًا، و كذلك الأطفال حيثُ أنهم ليسوا محصنين، ويعانون من توتر الأطفال الذي ينشأ من الضغط النفسي و يؤثر على سلوك الطفل سلبيًا، فالاطفال ملاحظون رائعون و يمتصون المشاعر التي تدور حولهم مما يؤثر عليهم ويجعلهم يتعرضون إلى توتر الأطفال.
في هذا المقال من موقع حاكيني للعلاج النفسي، سنتناول موضوع توتر الأطفال بشكل مفصل، بدءًا بتعريف التوتر عند الأطفال وكيفية ظهوره، مروراً بأسبابه المختلفة وتأثيره على النمو النفسي، وصولاً إلى طرق علاج التوتر والوقاية.
ما هو التوتر لدى الأطفال وكيف يظهر؟
توتر الأطفال هو استجابة جسدية وعقلية وعاطفية طبيعية للأحداث الصعبة التي يُمر بها الطفل، ويمكن أن تكون المواقف اليومية من المدرسة أو نتيجة التفاعل مع الأصدقاء و أحداث الحياة، أو الضغط النفسي لتلبية التوقعات منه مما يؤثر سلبيًا على صحة الطفل.
يظهر توتر الأطفال بأشكال مختلفة، تختلف من شخص إلى أخر حسب شخصية الطفل وعمره و منها:
- تراجع سلوكهم والتميُز في المدرسة والنوادي الإجتماعية.
- الإنسحاب من التجمعات والنقاشات ومجموعات الأصدقاء.
- زيادة استجابتهم العاطفية اتجاه الأمور وفي بعض الأحيان يحدث الإنفجار العاطفي لديهم بمشاعر أقوى من الغضب والانفعال مما يؤثر على صحة الطفل عكسيًا.
- التوتر في المدرسة قد يصعب على الأطفال التركيز خلال اليوم الدراسي أو أثناء أداء الواجبات المنزلية. كما أن الانفجارات العاطفية والغضب في المدرسة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في علاقاتهم مع الأصدقاء وزملاء الدراسة.
أشكال توتر الأطفال الجسدية:
يمكن أن يظهر التوتر لدى الأطفال من خلال عدة أعراض جسدية، مثل التعب والإرهاق الشديد، ضيق التنفس والشعور بضيق في الصدر، آلام في المعدة والصداع والدوخة. قد يعاني الطفل أيضًا من ضعف في العضلات والارتعاش، بالإضافة إلى تغييرات ملحوظة في الوزن أو الشهية. هذه الأعراض قد تشير إلى تأثير التوتر على الجسم، وقد تكون مؤشرًا على وجود ضغط نفسي مستمر.
ومن الجدير بالذكر أن بعض أنواع التوتر يمكن أن تكون إيجابية على المدى القصير، مثل التوتر الذي يحفز الطفل على الدراسة للامتحانات أو الجهد المبذول للذهاب إلى المدرسة في الوقت المحدد. هذا النوع من التوتر يعمل كمحفز لتحفيز الأداء والتركيز. ومع ذلك، إذا استمر التوتر لفترة طويلة (التوتر المزمن)، فإنه يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة البدنية والعقلية للطفل. في هذه الحالة، قد يسبب التوتر المزمن مشاكل مثل الأرق، الاكتئاب، القلق، وضعف الأداء الأكاديمي، بالإضافة إلى ظهور اضطرابات جسدية مستمرة. لذلك، من المهم مراقبة توتر الطفل ومعالجة الأسباب الأساسية للتوتر المزمن لتجنب تداعياته السلبية.
تعد إدارة التوتر والتعامل معه بشكل صحيح أمرًا حيويًا لصحة الطفل العامة، ويمكن أن يساعد توفير بيئة داعمة والتقنيات المناسبة مثل التأمل أو ممارسة الرياضة في التخفيف من آثار التوتر.
علامات التوتر العاطفي والسلوكي لدى الأطفال
توتر الأطفال له علامات مختلفة و في الغالب تكون مزيجًا من الأعراض العاطفية والسلوكية التي يجب على الأخصائيين النفسيين و الوالدين ملاحظتها وتحديدها في أول مراحل علاج التوتر وهذه العلامات هي:
علامات توتر الأطفال العاطفية:
- القلق المفرط: نتيجة التوتر يقلق الأطفال بشكلٍ كبير من المستقبل أو من أي موقف يتطلب منهم أن يكونوا في المقدمة حيثُ أن التوتر يجعلهم يخافون من النتيجة السلبية لأفعالهم و ينخفض لديهم تقدير الذات و ضعف الشخصية.
- الحزن: غالبًا التوتر ينعكس على سلوك الطفل من خلال شعوره بالاكتئاب والحزن الشديدين والبكاء دون سبب واضح وفي مواقف لا تستدعي كل هذا الحزن.
- الإحباط والغضب: توتر الأطفال يجعلهم أكثر عرضة للغضب حتى في مواقف بسيطة.
علامات توتر الأطفال السلوكية:
- العنف: يصبح الطفل عدوانيًا مع أصدقائه أو أفراد عائلته وعنيدًا جدًا.
- الانعزال: ينسحب من الأنشطة الاجتماعية أو يفضل البقاء وحيدًا، ويصبح لديه عدم الرغبة في المشاركة في الأنشطة العائلية أو المدرسية
- السلوك القهري: مثل قضم الأظافر أو هز القدم باستمرار، أو مص الإبهام، و التبول اللاإرادي.
كيف يُعبّر الأطفال عن التوتر بشكل غير مباشر؟
الأطفال لا يفهمون ما يتعرضون له من ضغوط نفسية و لا يعرفون كيف يعبرون عن توتر الأطفال الذي يتعرضون له، ولذلك أغلب تعبيراتهم تكون بشكل غير مباشر عن طريق:
- التغييرات الجسدية: تكرار الشكاوى من آلام الجسدية دون وجود سبب طبي واضح لها مثل آلام المعدة أو الصداع المتكرر.
- التغييرات الأكاديمية: انخفاض الأداء الدراسي أو فقدان الاهتمام بالدراسة، فقد يؤدي توتر الأطفال إلى تراجع في الأداء الأكاديمي ويحصل على درجات متدنية.
- النوم المفرط أو نقص النوم: قد يظهر التوتر في صورة كوابيس متكررة أو صعوبة في النوم تواجه الطفل، ويمكن أن ينسحب الطفل من الضغط النفسي الذي يواجهه إلى النوم المفرط.
- مشاكل الطعام: توتر الأطفال يؤدي إما إلى فقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام.
- العزلة: الأطفال الذين يعزلون أنفسهم عن الأطفال الآخرين قد يشعرون بالتوتر، الأمر الذي يؤثر سلبيًا على سلوك الطفل .
- الانفعال العاطفي: توتر الأطفال يؤدي إلى الانفعالات العاطفية الشديدة اتجاه مختلف الأمور.
أسباب التوتر عند الأطفال: المدرسة، الأسرة، والأصدقاء
المدرسة:
المدرسة لها تأثير كبير على حياة الأطفال، فهي جزءٌ كبير من حياته ينشأ ويتفاعل معه وعند حدوث المشاكل بها فسوف يؤثر ذلك على صحة الطفل النفسية بكل تأكيد ويؤدي إلى توتر الأطفال و يمكن أن يكون ذلك عن طريق:
- ضغط الواجبات الدراسية: عند قيام إدارة المدرسة أو المعلمين بإعطاء المهام الكثيرة والواجبات المدرسية و يجدون صعوبة في تنفيذها فإن ذلك يؤدي إلى الضغط النفسي الكبير.
- الخوف من الامتحانات: تمثل الامتحانات المصدر الأساسي إلى توتر الأطفال حيثُ يخافون من الفشل أو عدم تحقيق توقعات الأهل منهم.
- التنمر: بيئة المدرسة بيئة مليئة بالتنمر الجسدي أو النفسي و يسبب ذلك توترًا كبيرًا للأطفال، مما يؤثر على رغبتهم في الذهاب إلى المدرسة ويؤثر ذلك على جميع جوانب حياتهم.
الأسرة:
توتر الأطفال له عدة أسباب و من ضمنها الأسرة التي تُؤدي إلى الضغط النفسي والتأثير السلبي على صحة الطفل وذلك عن طريق:
- الطلاق: طلاق أحد الوالدين يؤدي إلى الضغط النفسي على الطفل مما يؤثر على سلوك الطفل ويجعله يشعر بالتوتر بشكلٍ دائم.
- الخلافات العائلية: الجو الأسري يلعب دورٌ أساسي في صحة الطفل النفسية حيثُ أن الجو الأسري المشحون بالمشاكل والخلافات سواء بين الوالدين أو بين الأخوان يؤثر على شعور الطفل بالأمان ويؤدي إلى حصول توتر الأطفال
- الأعباء المالية: يشعر الأطفال بكل شيء يدور حولهم في الأسرة و عند حصول أعباء مالية كبيرة في المنزل فإن ذلك يؤدي إلى الضغط النفسي عليهم إذا لاحظوا مشكلات مادية داخل الأسرة مما يؤثر على سلوك الأطفال.
- التغييرات: بغض النظر وان كانت ايجابية او سلبية ، مثل الانتقال إلى منزل جديد، والحصول على شقيق جديد، أو زوج أم، أو زوج أب.
الأصدقاء:
- التعرض للرفض أو العزلة: في بيئة الأصدقاء تنشأ الخلافات والغيرة مما يؤثر على العلاقات الاجتماعية بين الأصدقاء تؤثر على صحة الطفل النفسية ويؤدي إلى حصول توتر الأطفال.
- ضغوط الانتماء: الرغبة في الاندماج مع مجموعة ما قد تدفع الطفل للقلق بشأن قبوله الاجتماعي بين جميع الأصدقاء.
تأثير التوتر على النمو النفسي للأطفال.
توتر الأطفال له تأثيرات سلبية كبيرة على صحة الطفل النفسية حيثُ أنه مع التوتر لا يستطيع التعبير مع نفسه ولا يدري أنه يتعرض للتوتر، مما يؤثر عليه نفسيًا بشكلٍ كبير و يؤدي إلى:
- التأخر في النمو العاطفي: توتر الأطفال يؤدي إلى عدم قدرة الطفل في التعبير عن نفسه عاطفيًا ولا يستطيع التعبير عن مشاعره نتيجة القلق والتوتر.
- ضعف الثقة بالنفس: حيثُ أن توتر الأطفال يؤدي إلى شعور الطفل بأنه غير قادر على التعامل مع المواقف الصعبة ويقلق في كل المواقف التي تتطلب منه أن يمارس دور القيادة أو أن يتخذ القرارات بنفسه، مما يؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس.
- مشاكل في الصحة الجسدية: مثل ضعف المناعة أو الإصابة بأمراض مرتبطة بالتوتر.
- الاكتئاب: نتيجة توتر الأطفال يشعر الطفل بالحزن الشديد ويفقد الاهتمام بالأنشطة وينعزل عن الجميع مما يجعله يعاني من الاكتئاب. يمكنك قراءة مقال اختبار تحليل الاكتئاب و معرفة أهميته في الخطوة الأولى للعلاج ثم التوجه إلى إجراء اختبار الاكتئاب عبر موقعنا ومعرفة الصورة الأولية للصحة النفسية بخصوص الاكتئاب.
دور الأهل في اكتشاف التوتر لدى أطفالهم.
يلعب الأهل دورٌ رئيسي في اكتشاف توتر الأطفال وذلك من خلال ملاحظتهم الكبيرة واتباعهم عدة أساليب:
- الاستماع دون حكم: إعطاء الطفل فرصة للتحدث عن مشاعره بحرية، و سؤاله عما هو خطأ وكن صبورًا ومنفتحًا، واطرح أسئلة عليه، حيثُ أن شعور الطفل بأنك تسمعه وتفهمه يساعده على الشعور بالدعم خصوصًا في الأوقات التي يتعرض بها إلى الضغط النفسي.
- مراقبة التغيرات السلوكية: أي تغييرات مفاجئة في نمط نوم الطفل، سلوكه، أو العدوانية أو أدائه الدراسي تستدعي الانتباه، يجب علينا الانتباه وملاحظة هل هذه التغييرات هي نتيجة توتر الأطفال وربطها بالأسباب التي تؤدي إلى ذلك.
- خلق بيئة داعمة: من خلال تعزيز الأمان العاطفي في المنزل، وتوفير بيئة منزل إيجابية و بعيدة عن المشاكل والانفصالات التي من الممكن أن تؤدي إلى توتر الأطفال.
كن حذرًا بشأن البرامج التلفزيونية والكتب والألعاب التي يشاهدها الأطفال الصغار و يقرؤونها ويلعبونها، حيثُ يمكن أن تؤدي هذه الألعاب العنيفة إلى المشاكل وحصول الضغط النفسي الذي يؤثر على صحة الطفل النفسية.
يمكن للأهل الاستفادة من اختبارات موقع حاكيني لفهم حالة الطفل النفسية وتحديد ما إذا كان يعاني من التوتر، ويجب على الآباء الانتباه إلى التغيرات في سلوك أطفالهم ومشاعرهم والتحدث معهم بصدق وشفافية وبناء الثقة فيما بينهم.
تقنيات بسيطة لمساعدة الأطفال على التعامل مع التوتر
هناك العديد من الوسائل التي يمكن للأهل استخدامها لدعم الأطفال وتقديم علاج التوتر والتغلب عليه وهي:
- تقنيات الاسترخاء: يجب عليك لتقليل توتر الأطفال تعليم الأطفال التنفس العميق الذي يؤدي إلى تهدئة الجسم والعقل أو ممارسة التأمل" يمكنك الاستعانة ببرامج التأمل الموجودة في موقع حاكيني للعلاج النفسي."
- تخصيص وقت للعب والمرح: من الضروري توفير الأنشطة التي تؤدي إلى تخفيف التوتر للطفل وتغيير الحالة المزاجية لديه و أن يُعبر الطفل عن مشاعره وأحاسيسه عن طريق اللعب و خفض معدل غضبه و التقليل من انفعالاته.
- التعبير عن المشاعر بالرسم: تشجيع الأطفال إلى التعبير عن مشاعرهم عن طريق الرسم والتلوين حيثُ يعبر الطفل هنا عن الضغط النفسي الذي يتعرض له خصوصًا إذا لم يعرف كيف يُعبر عن توتر الأطفال الذي يتعرض له، هنا يستطيع التعبير بطريقة إبداعية…يُمكنك قراءة مقال" فوائد التلوين والرسم للأطفال وتطورها" من حاكيني للمعرفة أكثر حول أهمية الرسم لطفلك.
- توفير النوم الجيد للطفل: حيثُ ينصح الخبراء بنوم من 9 - 12 ساعة للأطفال، الحد من استخدام شاشات الهاتف في الليل.
- الذهاب إلى نزهات في الطبيعة: إن قضاء الوقت في الطبيعة مع طفلك يعد وسيلة فعالة لتخفيف توتر الأطفال وتحسين صحة الطفل النفسية والجسدية حيثُ أن الأطفال الذين يعيشون في مناطق تحتوي على مساحات خضراء يكونون أقل عرضة لأعراض الاكتئاب والقلق والتوتر.
متى يجب استشارة مختص نفسي للأطفال؟
يجب استشارة مختص نفسي إذا لاحظت أن طفلك يعاني من توتر الأطفال بشكل مستمر يؤثر على حياته اليومية سواء بين الأصدقاء أو على مهامه المدرسية أو ظهرت علامات سلوكية حادة و تستمر لمدة طويلة، بحيثُ لا يمكن للأطفال ولا الآباء القدرة على علاج التوتر و يحتاجون إلى أخصائيين نفسيين …هُنا لا يوجد لك سوى أفضل اختيار وهو التوجه إلى موقع حاكيني والحصول على الإرشاد النفسي من أفضل دكتور علاج نفسي الذي يقوم بالتقييم المناسب و تطوير خطة علاجية فردية لطفلك وبالتالي الحصول على علاج التوتر بطريقة احترافية ومهنية.
يمكنك حجز جلسة استشارية نفسية اون لاين مع أفضل الأخصائيين من خلال موقع حاكيني: [رابط حجز جلسة]
في حال استمرت أعراض التوتر لفترة طويلة أو أثرت بشكل كبير على حياة الطفل.
توتر الأطفال ليس نهاية الطريق لطفلك، بل قد يكون فرصة جديدة لبناء علاقة أقوى مع أطفالنا وتحسين سلوك الطفل بطريقة إيجابية عن طريق التدخل المناسب في الوقت المناسب والاستفادة من الخدمات النفسية المتنوعة في حاكيني، يمكننا مساعدة أطفالنا على إجتياز هذه المرحلة وتحقيق صحة الطفل النفسية الإيجابية.
يمكنك تنزيل تطبيق حاكيني عن طريق:
المصادر والمراجع: