إضافة الى وجود عوامل فردية مهمة في التفكير والسلوك الإنتحاري مثل المرض النفسي، الإدمان، المشاكل في العلاقات الخاصة، ونمط الشخصية للفرد، فإن هنالك عوامل مجتمعية وأزمات عامة تفعل التفكير العدمي وتكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير فيما يتعلق بصمود الناس أمام مشاكلهم الشخصية.
ومن أهم هذه العوامل المجتمعية الحروب. فالحروب تشيع خبرة الناس بالموت والفقدان والإصابات البالغة وتثير مخاوفهم وقلقهم تجاه الحياة، وقد يقبلون على الموت إستباقاً له مدفوعين بشعورهم بحتمية وقوعه.
كما أن للإضطهاد والقهر دور مهم أيضا في الإقبال على الإنتحار، فعندما يشعر الإنسان أنه عديم القيمة وأن لا حول ولا قوة له أمام الدولة أو المؤسسة أو المجتمع، يفقد الأمل بمحاولة التغيير، ويقرر الإنسحاب حتى لو كان ذلك من خلال فنائه الشخصي.
كما أن للأزمات الوجودية والخواء المعنوي دور بالغ في أن يفقد الإنسان الرغبة والدافعية نحو الحياة، وفي حين أن مجتمعاتنا كانت محصنة الى حد ما بالإيمان والوحدة الوطنية وتمييز العدو من الصديق فإننا الآن نعاني من التفكك الوطني والقيمي والتشوش بالرؤية وإختلاط الشك باليقين حول الكثير من الأمور وكل هذا يغذي المشاعر العدمية ويساهم في التفكير الإنتحاري.
وخلاصة القول :
أنه وبالإضافة الى الدور الطبي والعلاجي الفردي الذي يجب القيام به من أجل الحد والوقاية من الإنتحار فلا بد من الإنتباه الى الصورة المجتمعية الكبرى وإتخاذ السياسات اللازمة بهدف خلق التضامن المجتمعي والحد من البطالة والفقر واضفاء جودة ومعنى الى هذه الحياة.
لحجز جلسات إستشارية أو علاجية أونلاين من خلال منصة حاكيني.