يتم تحديد مكانة الطفل في المجتمع على أساس حقه القانوني في الحصول على العناية الصحية، التربية السليمة، الحماية، وكذلك العلاج، وإذا ما جئنا للحديث عن العلاج بالفنون، فإنه لمن الجدير بالذكربأن الرموز، الألوان، "الخرابيش"، والرسومات (المتطورة مع تطور الجيل)، هي مكوّنات أساسية في عالم الطفل، كما وتشكل الفنون عامة لغة إضافية بالنسبة للطفل، لغة رمزية غير كلامية، ووسيلة اتصال بديلة، والتي من خلالها يمكن له التعبير عن نفسه، عن مشاعره وأحاسيسه، عن عالمه الخاص، مخاوفه وأحلامه.. بصورة عفوية سلسة بسيطة وغير مركبة.
إن العلاج بالفنون يوفر للطفل والمراهق مساحة وفضاء آمنين للتعامل مع الصعوبات العاطفية المختلفة من خلال التعبير والإبداع، و يجنّد العلاج الطفل أو المراهق بكامل مركباته العقلية، النفسية-العاطفية، الجسدية، الحسية، الحركية، والإبداعية. أما بالنسبة للعلاقة ما بين الطفل والمعالج، فإنها تتطور بشكل تدريجي عبر اللقاء المشترك خلال السيرورة العلاجية، حيث تعمل هذه العلاقة على أساس تشكيل ثقة متبادلة، حتى تتحول المساحة العلاجية لمكان يسمح بتكثيف القدرات والصعوبات الذاتية باختلاف مستوياتها، سواء خلال العمل الفني، أو الحديث واللعب المنظم/العشوائي، وبالتالي المساهمة في طرح هذه الصعوبات أو القدرات الخاصة بالطفل والتطرق إليها إما بشكل مباشر بمشاركة الطفل وإما بمشاركة الأهل.
يختار الطفل أو المراهق الطريقة الملائمة له للتعبير عن عالمه الداخلي، ويساعد الجانب الفني هناعلى توسيع المجال والقدرة على التعبير، ويشكل مساحة إضافية لبناء علاقة، حيث ينظم ويحفز التفكير، وتوفرغرفة العلاج بالفنون فرصة جيدة لتطبيق ذلك، حيث تضم العديد من المواد الفنية، وتوفر وسائل وطرق عمل مختلفة لملائمة احتياجات كل طفل متعالج بشكل شخصي.
يتعلم الطفل أو المراهق خلال العلاج بالفنون كيفية التعبير عن نفسه، ويكتسب طرق جديدة للتعامل مع مشاعره صعوباته وقدراته التي لا يستطيع استيعابها وتذويتها لوحده، يعمل المعالج بالفنون على مساعدة الطفل في التعرف على عالمه الداخلي والعالم المحيط، الاعتراف بأحاسيس ومضامين تظهر خلال السيرورة العلاجية، التعبير عن نفسه، مشاعره، أحاسيسه وعالمه الخاص؛ وفهم ما يدور حوله بالانتباه للرموز المباشرة والغير مباشرة التي يعبر عنها الطفل؛ مما يساهم في دفعه للتواصل مع ذاته ومع محيطه على أساس تطور علاقة انسانية آمنة وصحية قائمة على احترام وتقبل وتفهم واحتواء الطفل.
اذا ما أخذنا الأطفال بجيل الثلاث سنوات مثلاً، ممكن أن يساعدهم العلاج في مواجهة الصعوبات ومشاكل التطور التي تميّز هذا الجيل مثل: صعوبات فطام، خوف، مشاكل في النوم، خلق علاقة، انتماء لإطار جديد، اندماج مع أبناء الجيل، غيرة... وقد وجدت أهمية كبرى لحاجة الأطفال في مثل هذا العمر بالتعامل والتواصل المكثف مع مواد ذات خواص مختلفة، حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال العلاج بالفنون.