كل منا هو نتاج البيئة الاجتماعية التي نشأ فيها، أي نحن بما نحمله من صفات لسنا سوى انعكاس للبيئة التي نعيش فيها، ويظهر ذلك بشكل جلي لدى الأطفال وتصرفاتهم. عندما يكون لدينا طفل عنيد وعصبي هو يعبر عن طبيعة البيئة الاجتماعية المشحونة بالطاقة السلبية التي نشأ فيها، وصنعت منه إنسان عصبي، كذلك الأمر عندما يكون لدينا طفل حساس فهو يعبر عن بيئة أهله الذين يشعرون بالحساسية من أقل التصرفات ويعكسون ذلك على طفلهم. لذلك عندما يكون لدينا طفل حساس، بداية يجب أن نتفهم وندرك، أن الطفل الحساس يمتلك مزاجاً مختلفاً عن باقي الأطفال، وأنه لم يخلق حساس أو هو بالفطرة إنسان حساس، بل وهناك العديد من الأسباب التي تجعل من طفلنا حساسا أكثر من غيره من الأطفال.
تأثير البيئة الاجتماعية على الطفل
ذكرت انفا أن طلفنا هو نتاج البيئة الاجتماعية التي نصنعها له، ويمكن إيضاح معنى ذلك بالأسباب التالية التي تجعل من طفلنا حساسا أكثر بفعل تربيتنا له:
- أولاً: هناك بعض الصفات الشخصية التي يرثها الطفل عن أهله، مثل: الانطوائية، المزاج الصعب، صعوبات التأقلم مع التغيرات، صلابة الفكر، وصفات أخرى من الممكن أن تكون سبب في كون الطفل حساس أكثر من غيره من الأطفال، لكن حتى إذا كان الطفل قد ورث بعض الصفات التي زادت من حساسيته، من الممكن تخفيف حساسيته إذا استطاع الأهل التعامل مع صعوباته.
- ثانياً: حساسية الأهل تجاه الملاحظات التي تصدر من الأشخاص الآخرين عن أطفالهم تزيد من حساسية الطفل، وذلك بسبب تفكير الأهل بأنه لا يجوز لأي شخص انتقاد أو توجيه كلمات سلبية للطفل، مثل: عندما يقوم الجد والجدة بتوجيه كلمات سلبية للطفل، ومقارنته بأقاربه، أو عندما يصرخون عليهم ويهينونهم، لا يقبل الأهل مثل هذا الكلام أن يتم توجيهه لطفلهم، لأن باعتقادهم أن هذا الكلام يكسر شخصية طفلهم، وأن طفلهم لا يستطيع التعامل مع الأذى النفسي الناتج عنه، ما يؤدي إلى كسر واضعاف شخصيته.
لكن في الحقيقة أن الأهل هم من يتضايقون ويتحسسون من كلام الجد أو الجدة، وعندما يشعر الطفل أن الأهل تحسسوا من كلام جدته وجده يصبح هو بدوره أكثر حساسية في التعامل مع هذه المواقف.
لذلك، التصرف الصحيح هو تقبل الأهل أن طفلهم لديه القدرة على التعامل مع الموقف السلبي بشكل أفضل من تفكيرهم، وأن يتذكروا بأن طفلهم عندما يكبر سوف يواجه مواقف مشابهة في حياته التعليمية والعملية، لذلك على الأهل الوثوق بطفلهم، والإيمان بقدرته على التعامل مع المشاعر السلبية او الإهانة، هذا بدوره سوف ينعكس على طفلهم ويجعله أقوى .
البيئة الاجتماعية والنفسية للطفل، بوابة لصنع طفل متوازن
يتضح مما يسبق أن الأهل يشكلون الدائرة الأولى لبيئة الطفل الاجتماعية، وصفات الطفل إن كان حساس أو غير ذلك هو نتاج ردود فعل الأهل تجاه ما يواجهه، بالرجوع إلى الأمثلة السابقة نجد أن هنالك مجموعة من الأهل يتجهون لتوقيف الجد أو الجدة عن توجيه الكلام السلبي لأطفالهم، هذه الطريقة ممكنة، لكنها من الممكن أن تؤدي إلى خلق التوتر في العلاقة ما بين أهل الطفل وبيت جده، ما يزيد من المشاحنات فيما بينهم، غير أنهم بذلك لا يعملون على خلق تواصل مباشر ما بين طفلهم وما بين الموقف الذي يتعرض له حتى يمكنوه من مواجهته.
وهناك مجموعة أخرى من الأهل تفضل الجلوس مع الطفل، والحديث معه وتعليمه حول كيفية التصرف عندما يواجه كلام سلبي، وإفهامه أنه لا يستطيع التحكم بحديث الآخرين، لكنه يستطيع التحكم في ردات فعله، وعليه ألا يهتم للكلام السلبي الموجه له، وأنه يستطيع أن يخبر جدته وجده عندما يضايقه كلامهم، ويطلب منهم التوقف عن ذلك.
سجل في موقع حاكيني للخدمات والاستشارات النفسية وحمل تطبيق الصحة النفسية للحصول على ارشادات وتمارين للمساعدة الذاتية او التحدث مع شخص مختص.