التواصل هو الوسيلة الوحيدة لشرح ما نشعر ونفكر به للطرف الآخر، ومن خلاله أيضا نستطيع فهم ما يريد أن يوصله لنا الآخر. ولكي تستطيع التواصل بشكل جيد وفعال وإرسال واستقبال الرسائل الصحيحة مع الأشخاص من حولنا، كان لا بد لنا من استخدام مهارات التواصل وهذه المهارات هي مهارات مكتسبة، فلا داعي للقلق إن كانت منخفضة لدينا فبكل بساطة يمكننا تعلمها وتدريب أبنائنا عليها، خاصة في وقتنا الحالي نتيجة للعزلة الاجتماعية التي فرضتها علينا الجائحة، والتي أثرت سلبا خصوصا على أطفالنا بسبب ظروف التعليم عن بعد (الإلكتروني) واعتبار التباعد مسافة أمان، فأصبحت هذه المهارات لديهم بحاجة إلي صقل وتطوير.
ما هو التواصل؟
عندما نذكر كلمة تواصل فإن أول ما يخطر ببالنا هو اللغة، نعم، اللغة هي الوسيلة الأساسية للتواصل بين الناس وهي الأوضح والأشمل، ولكن ليست اللغة وحدها هي القادرة على خلق هذا التواصل، فالحواس بأكملها تلعب دور أساسي في خلق التفاهمات ما بين البشر، الذين يلعب أحدهم دور المرسل والآخر مستقبل ويكمن تحقيق التواصل في القدرة على إحداث تفاعل إيجابي ما بينهم. ولكن يوجد عدة مهارات وجب علينا تعلمها حتى نتمكن من تحقيق تواصل فعال يمكنا من التعبير عن أنفسنا، وفهم ما يعنيه الشخص المقابل بشكل جيد ثم إيصال رسالة له أننا نفهمه.
ما هي مهارات التواصل؟
-
أولا: معرفة أنفسنا والتعبير عنها
لكي نستطيع أن نتحدث عن أنفسنا وأن نعبر عما بداخلنا من مشاعر وأفكار يجب علينا معرفتها نحن أولا ماذا نشعر وبماذا نفكر ولماذا نقوم بما نقوم به وكيف تقوم به. أن ندرك مشاعرنا وأفكارنا وسلوكياتنا ونعرف سببها ماذا نحب، ماذا نكره، ومن ماذا نغضب وعندما نغضب كيف نتصرف. المعرفة بأنفسنا واحترامها سيمكننا من التعبير عنها بكل ثقة وراحة.
ونستطيع معرفتها أكثر من خلال عدة تمارين منها (نافذة جوهاري)وهو عبارة عن نافذة مكونة من أربع أقسام:
- القسم الأول: المنطقة المفتوحة
وهي منطقة معروفة من قبلنا ومن قبل الآخرين مثل: (الاسم، التخصص، الشكل...) حجم هذه المنطقة يخبرنا إن كانت مهارات التواصل لدى الشخص جيدة أم لا، فكلما كانت أكبر كانت المهارات لديه أفضل.
- القسم الثاني: المنطقة المخفية (منطقة القناع)
وهذه المنطقة فيها المعلومات المعروفة من قبلنا ولكن لا يعرفها الآخرين.
- القسم الثالث: وهو المنطقة العمياء
وتتضمن المعلومات التي يعرفها الآخرين عن أنفسنا ولكن لا نعرفها نحن، بل نستطيع معرفتها من خلال سؤالهم عن أنفسنا.
- القسم الرابع: وهو المنطقة المجهولة
وهذا القسم هو مجهول بالنسبة لنا وبالنسبة للآخرين، أي الأشياء التي لم ندركها بعد عن أنفسنا ولم ينتبه لها الآخرين أيضا مثل: ومن خلال هذه النافذة نقوم بكتابة أهم الأشياء الموجودة بكل قسم، ونحاول تصغير النوافذ الثلاثة (المخفية والعمياء والمجهولة) وتوسيع المنطقة المفتوحة، من خلال معرفة أنفسنا أكثر وسؤال الآخرين ومشاركتهم.
-
ثانيا: الاحترام
من أجل تواصل جيد وفعال يجب على الإنسان احترام نفسه واحترام الشخص الذي يجري التواصل معه، عندما يحترم الشخص نفسه يكون على دراية بصفاته السيئة والجيدة ويتقبلها، وبالتالي يتقبل الطرف الآخر ويحترمه. ونستطيع تقبل أنفسنا واحترامها من خلال إدراكنا أننا بشر وقد نخطئ، بمسامحة أنفسنا عن تلك الأخطاء، بتذكر الأشياء الجيدة والتي تميزنا، وتذكر الصعاب التي اجتزناها.
-
ثالثا: الاستماع الجيد أو الإصغاء الفعال
أول خطوة لفهم الشخص المقابل لنا هي الاستماع الجيد له دون مقاطعة أو انتقاد أو تقديم نصائح، فقط استمع إليه، تعاطف معه، احترمه، وأظهر له أنك تستمع له بكل آذان صاغية من خلال بعض الإيماءات بالرأس والعبارات مثل: "أمممم، معك حق، الأمر محزن، عظيم، رائع حقا" ويمكنك إذا أسأت الفهم أو للتأكد من بعض الأشياء أن تسأله "هل تقصد هذا بالضبط، لقد فهمت من خلال حديثك أن ما جرى هو... هل هذا صحيح؟"
-
رابعا: التعاطف
وهو مهم جدا خلال الاستماع للأخرين ويبين لهم أنك تستمع بحق، وما ذكرناه سابقا عن العبارات التوضيحية أثناء الاستماع يعتبر جزءا من التعاطف، وهو أن تضع نفسك مكان الشخص الآخر وتنظر للحدث بعينيه. هذا يزيد من فهمنا لأفكار الآخرين ومشاعرهم، ويقلل من توجيهنا النصائح والانتقادات، ثم بعد ذلك أعد نقل ما فهمته للشخص الآخر بكلماتك مثل المثال في النقطة السابقة.
-
خامسا: التحدث بصيغة (أنا) وليس (أنت)
غالبا ما نعبر عن مشاعرنا وأفكارنا من خلال لوم الآخرين وكأنهم هم المسؤولون عما نشعر ونفكر، فنقول عندما نغضب من أمر معين فعله الشخص الآخر مثل: رفع صوت الموسيقى "لقد أغضبتني بهذا التصرف الأهوج" هذه العبارة تعطي انطباعا أن الشخص المقابل يتحكم بمشاعرك، ويملك زمام أمورنا، هي عبارة تحمل في طياتها الانتقاد مما يجعله يلجأ للدفاع عن نفسه فيمكن أن تدفعه لرفع صوت الموسيقى أكثر، ولكن عندما نقول: "لقد غضبت من صوت الموسيقى المرتفع، هلا أخفضته قليلا" من غير الممكن بعد ذلك أن يتصرف معنا بطريقة عدائية أو لا يلبي طلبنا.
-
وأخيرا: التواصل غير اللفظي (لغة الجسد)
لغة الجسد هي الوسيلة الأولى للتواصل عند بني الإنسان، ونحن لا نقصد هنا أن حركة معينة بالرأس أو اليد أو القدم تعني شيئا معينا بشكل مطلق، بل لإيماءات الوجه وحركات الجسد بالمجمل تعبيرات معينة، فالوجه يخبرنا كثيرا عن المشاعر المخبأة، حتى الأطفال الصغار يستطيعون معرفة الإنسان الغاضب من خلال وجهه، ولا يمكن لشخص سعيد ويكاد يطير من الفرح أن يجلس ووضعية جسده مرتخية أو عيناه ذابلتان.
كيف يمكننا تطوير مهارات التواصل؟
فيمكنكم لتعلم هذه المهارات وتعليمها لأطفالكم أن تجلسوا وتلعبوا معهم بعض هذه الألعاب المساعدة.مثل: بماذا أشعر عندما؟! أذهب للتسوق، أرى أصدقائي، أشاهد فيلما. يمكنكم عرض الكثير من الخيارات والمواقف لمعرفة مشاعركم ومشاعر أطفالكم، أيضا بنفس الطريقة تعرفوا على أفكاركم. بماذا أفكر عندما؟!. تتأخر صديقتي، يوبختي أحدهم، أغضب أو عند الشعور بأي شيء. ثم، ما الذي يفرحني، ما الذي يغضبني، ما الذي يخيفني. ثم، كيف نكون عندما نكون فرحين؟ مثل شكل الوجه والجسد عندما تكون خائف أو حزين.
كما يمكنكم لتقوية التواصل الغير لفظي أن تلعبوا مع أطفالكم لعبة السينما الصامتة، والعديد من الألعاب الأخرى التي تضفي مرحا وتعلمهم بنفس الوقت مهارات التواصل الفعال.
يعتبر التواصل عملية في غاية الأهمية وهو يمثل ركيزة أساسية لتمكين كل منا من المضي قدما في مختلف مجالات الحياة، لذلك من المهم التركيز على تطوير مهارات التواصل لدينا حتى نتمكن من تحقيق هذه العملية بحيوية ونجاعة.
حمل تطبيق حاكيني على جوجل بليي او اب ستور للحصول على استشارة نفسية او الحصول على تمارين المساعدة الذاتية.